تواجه إسرائيل أزمة دبلوماسية هي الأشد في تاريخها، مع تزايد الانتقادات الدولية لإدارتها للحرب في قطاع غزة. ففي الأيام والأسابيع الأخيرة، انضمت دول غربية حليفة إلى قائمة المنتقدين، مما أدى إلى تدهور ملحوظ في مكانة إسرائيل على الساحة العالمية.
أمس الثلاثاء، بلغت الأزمة ذروتها بإعلان وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، دعم بلاده لإعادة النظر في اتفاقية الشراكة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي، وهي الاتفاقية الأهم التي تنظم العلاقات بين الطرفين.
عقوبات بريطانية
في بريطانيا، أعلنت الحكومة فرض عقوبات على مستوطنين ومواقع استيطانية غير قانونية بسبب أعمال عنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية. كما تم استدعاء السفيرة الإسرائيلية في لندن، تسيبي هوتوفيلي، لتقديم توضيحات بشأن توسيع العمليات العسكرية في غزة والمخاوف المتعلقة بالمساعدات الإنسانية.
وفي خطوة لافتة، أعلنت بريطانيا تعليق المفاوضات بشأن اتفاقية تجارة حرة مع إسرائيل، في حين تواصل توقيع اتفاقيات مماثلة مع دول أخرى مثل الهند والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ما يعكس استياء حكومة كير ستارمر من سياسات الحكومة الإسرائيلية الحالية.
رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، أعرب عن "صدمته ورعبه" من التصعيد العسكري الإسرائيلي في غزة، مطالباً بوقف فوري لإطلاق النار. من جانبه، أكد وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، التزام بلاده بأمن إسرائيل ومحاربة معاداة السامية، لكنه شدد على أن العلاقات مع حكومة نتنياهو لا يمكن أن تستمر كالمعتاد في ظل الأوضاع الراهنة.
تحرك دبلوماسي أوروبي غير مسبوق
وفي بروكسل، أعلنت كايا كالاس، الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمن، أن هناك دعماً كافياً لإعادة مناقشة مستقبل اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، في خطوة تُعتبر ضربة دبلوماسية كبيرة، حتى وإن لم يتم اتخاذ قرار نهائي بعد.
تأتي هذه التطورات في وقت تواجه فيه إسرائيل انتقادات متزايدة من المجتمع الدولي بشأن عملياتها العسكرية في غزة، وتثير تساؤلات حول مستقبل علاقاتها مع حلفائها التقليديين.
على مدى العام الماضي، دعت عدة دول من الاتحاد الأوروبي إلى إعادة التفاوض حول اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، مدعية أنها لا تتوافق مع المادة الثانية منها - حماية وحفظ حقوق الإنسان والقيم الديمقراطية. ودعت إسبانيا وإيرلندا وسلوفينيا وبلجيكا ومالطا إلى تجديد النقاش، ولكنها دول تتميز بنهج وسياسة انتقادية ومعارضة تجاه إسرائيل والحكومة الإسرائيلية.
الحلفاء الاستراتيجيون لإسرائيل ينقلبون عليها
إلا أن التطور الجديد هو أنه انضمت مؤخرا إلى الدعوة دول إضافية تعتبرها إسرائيل حليفة تقليديا، مثل فرنسا وهولندا. وفي هولندا، تعمل حكومة يمينية منذ العام الماضي، بدعم من عضو البرلمان البارز خيرت فيلدرز، وهو محب كبير لإسرائيل، حتى أنه عاش في إسرائيل في الماضي. إلى جانب ذلك، فإن بولندا، على سبيل المثال، والتي تحافظ تقليديا على علاقات جيدة للغاية مع إسرائيل ولم تعترض على إعادة النقاش علىالاتفاق
كما أعربت إيطاليا وألمانيا، اللتان عارضتا الخطوة الأوروبية، عن انتقادات كبيرة لإسرائيل في الأيام الأخيرة. وطالب وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني، السبت الماضي، إسرائيل بوقف الهجمات على قطاع غزة - ووصف السكان الفلسطينيين في القطاع بأنهم "ضحايا حماس"، وليس مواطني إسرائيل أو غلاف غزة. كما أعرب المستشار الألماني فريدريش ميرز، وهو مؤيد واضح لإسرائيل، عن انتقاده لإسرائيل في الأيام الأخيرة.
إن حقيقة أن الدول القريبة جداً من إسرائيل، والتي تتمتع بنفوذ عالمي كبير ــ مثل فرنسا وبريطانيا، أو ذات نفوذ أوروبي كبير مثل هولندا ــ تخرج بقوة وبشكل بارز ضد إسرائيل، تظهر عمق الهاوية السياسية. وتستمر الولايات المتحدة، أكبر وأهم صديق لإسرائيل، في التعبير عن دعمها الكبير لإسرائيل عبر القنوات الرسمية في الوقت الراهن، ولكن من الواضح أن هناك أيضا استياء كبيرا هناك من سلوك الحكومة واستمرار الحرب في قطاع غزة، وفقا لسلسلة من المنشورات والتقارير – وفقا لما نقلته وسائل إعلام إسرائيلية
في هذا السياق أيضا: