انتهت مساء الخميس جلسة المحكمة المركزية في حيفا، والتي نظرت في الالتماس المقدّم ضد قرار بلدية سخنين بمنع عرض فيلم "اللد" للمخرجين عدي غنايم ورامي يونس. ورغم انتقاد القاضية لقرار المنع وطريقة اتخاذه، قرّرت المحكمة عدم االتدخّل وحدّدت جلسة إضافية لنقاش الالتماس مع الطرفين، ما يعني عدم السماح بعرض الفيلم هذا المساء، بدعوى الحفاظ على سلامة الجمهور، وبناءً على ما وصفته البلدية في ردّها بـ"خطورة عرض الفيلم" وفقًا لتحذيرات الشرطة.
وفي خطوة غير مسبوقة، أعلنت القاضية أنها ستستدعي الشرطة، والبلدية، والمنظّم إلى جلسة وجاهية يوم الاثنين 10.11.2025 من أجل الاستماع لمواقف الأطراف وفحص الأسس القانونية لقرار المنع.
وقد وافق المنظم عدي غنايم، بالتشاور مع المخرج والمحامي نبيل حلاج، على اقتراح القاضية، وتمّ تأجيل العرض إلى موعد لاحق ريثما يُبتّ نهائيًا في مسألة السماح به.
خلفية القرار: تهديدات يمينية وضغوط من الشرطة
كانت بلدية سخنين قد أبلغت طاقم الفيلم صباح اليوم بقرارها إلغاء العرض المقرر في قاعة المدينة، بعدما تلقت — وفق المخرج — ضغوطًا وتهديدات من جهات يمينية متطرفة، وبـ"دعم مباشر من الشرطة الإسرائيلية".
الفيلم، الذي يعالج واقع مدينة اللد وعلاقات القوة داخل المجتمع الإسرائيلي، عُرض سابقًا في مدن عديدة مثل تل أبيب، حيفا، يافا، والجامعة العبرية في القدس من دون اعتراضات، قبل أن يُقابل رفضًا مفاجئًا في سخنين، التي كان من المفترض أن تستضيف العرض الأخير ضمن جولة العروض.
في حديث لراديو الناس، قال المخرج رامي يونس إن رئيس البلدية مازن غنايم تواصل معه شخصيًا وطلب منه "إحضار أمر محكمة" يسمح بعرض الفيلم، واصفًا ذلك بأنه تصرف "غير قانوني".
وأضاف:"علمت لاحقًا أن ضباط شرطة حضروا إلى البلدية وهددوا بوقف ميزانية كاميرات المراقبة الخاصة بمكافحة الجريمة إذا تم عرض الفيلم." وأشار يونس إلى أن جمعية "مساواة"، الراعية الرسمية للعرض، باشرت إجراءات قانونية ضد البلدية، معتبرًا ما حدث "سابقة خطيرة" تمسّ بحرية العمل الثقافي في المجتمع العربي.
غنايم ينفي الاتهامات: التأجيل لأسباب تنظيمية فقط
من جانبه، نفى رئيس بلدية سخنين مازن غنايم بشدة رواية المخرج، مؤكدًا أن البلدية لم تتعرّض لأي تهديد من الشرطة، وأن القرار لم يكن إلغاءً إنما تأجيل لمدة أسبوع لفحص الجوانب القانونية والتنظيمية.
وقال غنايم لراديو الناس:"لم أتصل برامي يونس. طلبنا فقط تأجيل العرض أسبوعًا للتأكد من سلامة الإجراءات. سخنين مدينة وطنية وحرة، ولا نخضع لليمين ولا لغيره، لكن مسؤوليتنا الحفاظ على النظام العام."
وأضاف أن الاحتجاجات المتوقعة من جماعات يمينية كانت سببًا إضافيًا لاتخاذ قرار التأجيل، معتبرًا أن المخرج "يسعى لتحقيق مكاسب مادية"، بينما تسعى البلدية—وفق قوله—إلى حماية السكان.
جدل يتصاعد حول الحيّز الثقافي العربي
القضية أثارت نقاشًا واسعًا بين الفنانين والناشطين، الذين رأوا في منع الفيلم محاولة جديدة لتقييد النشاط الثقافي العربي داخل إسرائيل، خصوصًا مع ازدياد ضغوط اليمين المتطرف على المؤسسات العربية التي تستضيف أعمالًا نقدية.
المخرج رامي يونس أكد أن ما حدث في سخنين "لن يوقفه"، مضيفًا:"إذا خضعنا اليوم لضغوط الشرطة، فغدًا سيُمنع كل نشاط ثقافي عربي."
أما رئيس البلدية فشدّد على أن أي عرض مستقبلي للفيلم سيكون مشروطًا بموافقة الجهات القانونية المختصة.


