نشرت صحيفة "الإيكونوميست" تقريرًا موسعًا حذّرت فيه من الآثار السلبية المحتملة للاعتماد المتزايد على أدوات الذكاء الاصطناعي، مشيرة إلى نتائج دراسة لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) أظهرت انخفاض النشاط العصبي المرتبط بالإبداع والانتباه لدى مستخدمي ChatGPT أثناء كتابة المقالات.
دراسات تحذّر من "كسل ذهني" متزايد
وأظهرت دراسة أخرى أجرتها "مايكروسوفت ريسيرش" أن معظم المهام التي نفذها مستخدمو أدوات الذكاء الاصطناعي لم تتطلب مجهودًا ذهنيًا كبيرًا. كما وجد مايكل غيرليش، أستاذ في مدرسة SBS للأعمال بسويسرا، أن مستخدمي الذكاء الاصطناعي بكثرة حصلوا على نتائج أقل في اختبارات التفكير النقدي. وأكد غيرليش تلقيه مئات الرسائل من معلمين يرون أن النتائج تعكس تجربتهم مع الطلاب.
هل تتدهور القدرات الذهنية فعلاً؟
رغم هذه المخاوف، لم يتم إثبات علاقة سببية مباشرة بين تراجع القدرات الذهنية وكثرة استخدام الذكاء الاصطناعي. ويرى باحثون أن ما يحدث قد يكون مجرد "تفريغ معرفي" طبيعي، كما هو الحال مع الآلات الحاسبة أو تطبيقات الخرائط. لكن الخبراء يحذّرون من أن الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي في مهام التفكير العميق قد يؤدي إلى ما يسمى بـ"بخل معرفي"، وهو الميل لاختيار أسهل الطرق للتفكير.
تأثير محتمل على سوق العمل
تتوقع بربارا لارسون، أستاذة الإدارة في جامعة نورث إيسترن، أن يؤدي هذا التراجع المحتمل في التفكير النقدي إلى ضعف تنافسية الموظفين وتقليل الإبداع. وأكدت دراسة من جامعة تورنتو أن التعرض لأفكار مقترحة من الذكاء الاصطناعي يقلل من التنوع والابتكار في إنتاج الأفكار الجديدة.
كيف نحمي عقولنا؟
ينصح خبراء بالتعامل مع الذكاء الاصطناعي كمساعد "متفائل لكنه ساذج"، والاعتماد عليه في خطوات تحليلية جزئية بدلًا من توليد الإجابات النهائية. كما تقترح فرق بحثية تطوير أدوات ذكاء اصطناعي تطرح أسئلة استفزازية تدفع المستخدمين للتفكير العميق، رغم أن ذلك قد يقلل من رضا المستخدمين.
الذكاء الاصطناعي بين الفوائد والمخاطر
يبقى السؤال مفتوحًا: هل ستوازن المجتمعات مستقبلًا بين الفوائد الإنتاجية الهائلة للذكاء الاصطناعي وبين مخاطره المحتملة على التفكير النقدي؟ الإجابة، كما يرى الباحثون، ستتوقف على الأدلة العلمية التي قد تظهر خلال السنوات المقبلة.