وفاة البابا فرنسيس: شغور الكرسي في الفاتيكان إلى حين انبعاث الدخان الأبيض

بعد وفاة البابا فرنسيس: هكذا يُنتخب بابا الفاتيكان الجديد في أكثر اقتراع سرّي في العالم 

راديو الناس|
1 عرض المعرض
البابا فرانسيس في الفاتيكان
البابا فرانسيس في الفاتيكان
البابا فرانسيس في الفاتيكان
( تُستخدم هذه الصورة بموجب البند 27 أ من قانون الحقوق الأدبية (2007))
في أعقاب رحيل البابا فرنسيس صباح اليوم، 21 أبريل 2025، تبدأ الكنيسة الكاثوليكية مرحلة انتقالية بالغة الحساسية تُعرف باسم "الكرسي الشاغر" (Sede Vacante)، إيذانًا ببدء التحضيرات لانتخاب الحبر الأعظم الجديد الذي سيقود الكنيسة الكاثوليكيّة في المرحلة المقبلة. فكيف يتمّ اختيار البابا؟ وما الذي يجعل هذه العملية إحدى أكثر الانتخابات غموضًا وانضباطًا في العالم؟
فور إعلان الوفاة، يستعدّ مجلس الكرادلة – الهيئة التي تضمّ كبار رجال الدين الكاثوليك حول العالم – للدخول في ما يُعرف بـ "الكونكلاف"، وهو الاجتماع المغلق الذي يُعقد لاختيار البابا الجديد. يُستمدّ اسم "الكونكلاف" من الكلمة اللاتينية cum clave، أي "مع القفل"، في إشارة إلى طبيعته المنعزلة تمامًا عن العالم الخارجي.
يشارك في الكونكلاف الكرادلة الذين تقلّ أعمارهم عن 80 عامًا، والبالغ عددهم اليوم نحو 138 كاردينالًا من مختلف أنحاء العالم. يُمنح هؤلاء مهلة لا تقلّ عن 15 يومًا بعد إعلان الوفاة للوصول إلى روما، حيث تُعلَّق خلالها معظم السلطات البابوية، ويُعلن الحداد الرسمي لتسعة أيام، يوضع خلالها جثمان البابا الراحل في كاتدرائية القديس بطرس.
خلافًا لما يظنّه البعض، لا يُحتجز الكرادلة داخل قاعات مغلقة كما كان الحال في السابق، بل يُقيمون في بيت ضيافة يُعرف باسم "بيت القديسة مارتا" داخل الفاتيكان. ورغم الراحة النسبيّة التي يوفّرها هذا المكان، إلّا انّ قواعد العزلة تبقى صارمة: يُمنع الكرادلة من التواصل مع العالم الخارجي بأيّ وسيلة، بما في ذلك وسائل الإعلام.
عند بدء جلسات التصويت، ينتقل الكرادلة صباحًا ومساءً إلى كنيسة سيستين سيرًا على الأقدام، مرتدين زيّهم الكنسي الأزرق المحاط بزنّار أحمر. هناك، وبصمتٍ تامّ، تُجرى جولات الاقتراع وفق طقوس دقيقة: يكتب كلّ كاردينال اسم مرشحه سرًّا على ورقة الاقتراع، ثمّ يتقدّم لوضعها في صندوق مخصّص على المذبح. بعدها، تُعدّ الأصوات من قِبل ثلاثة مدقّقين، ثمّ تُحرَق أوراق الاقتراع ويُطلق الدخان عبر مدخنة الكنيسة ليوصل الرسالة للعالم: دخانٌ أسود يعني فشل الجولة وعدم التوصل إلى توافق، ودخان أبيض يشير إلى انتخاب بابا جديد.
يبدأ التصويت الفعلي في اليوم الثاني للكونكلاف، وتُعقد جلستان يوميًا. في حال عدم التوصّل إلى انتخاب خلال الأيام الثلاثة الأولى، تؤخذ استراحة يوم للصلاة والتأمل، تُعاد بعد كلّ سبع جولات إذا لزم الأمر. يشترط انتخاب المرشّح بحصوله على ثلثي الأصوات، وإن تعذّر ذلك، قد تُقلّص قائمة الأسماء تدريجيًا للوصول إلى مرشحين نهائيين، يُحسم بينهم حينها بالأغلبية البسيطة.
عند التوافق، يُسأل المرشّح إن كان يقبل انتخابه، ثم يختار اسمه البابوي الجديد. بعد دقائق، يظهر كبير الشمامسة من شرفة كاتدرائية القديس بطرس، ليعلن الجملة التي يترقبها ملايين المؤمنين حول العالم: "Habemus Papam" – "لدينا بابا".
ورغم أن الانتخاب يتمّ في أجواء مغلقة وصامتة، إلا أن نتائجه تتعدّى الأبعاد الدينيّة، لما يحمله من دلالاتٍ ثقافية وسياسية رمزيّة. فالبابا لن يكون زعيمًا روحيًا وحسب، بل شخصيّة مؤثرة في الحوار بين الأديان وفي مواجهة قضايا عالم يشهد تحوّلات ثقافية واجتماعية، تتطلب توازنًا بين الإيمان والقيم الإنسانية وبين الحفاظ على التقاليد ومواكبة العصر.
في هذا السياق أيضا:
First published: 14:24, 21.04.25