أوصى قسم كبير الاقتصاديين في وزارة المالية الإسرائيلية بتقليص الامتيازات الضريبية الممنوحة للمواطنين المودعين في صناديق الادّخار المهنية ، معتبرًا أن النظام الحالي "يخدم أصحاب الدخل المرتفع بصورة غير عادلة" ويعمّق الفجوة الاقتصادية بين شرائح المجتمع.
ووفقًا للتقرير الذي نُشر رسميًا اليوم (الأربعاء)، فإن تكلفة الامتياز الضريبي بلغت نحو 10.7 مليار شيكل عام 2024، منها 8.5 مليار ناتجة عن إعفاءات ضريبية على الإيداعات، و2.2 مليار أخرى ناتجة عن الإعفاء من ضريبة الأرباح الرأسمالية عند السحب.
فجوة كبيرة بين الشرائح الاجتماعية
أظهر التقرير تفاوتًا صارخًا في توزيع الامتيازات بين فئات الدخل المختلفة؛ إذ إن 9٪ فقط من العاملين في الشريحة الدنيا يودعون في هذه الصناديق، مقابل 83٪ من العاملين في الشريحة العليا.
أما من حيث التحصيل العلمي، فبلغت نسبة المودعين بين أصحاب الشهادات الأكاديمية 63٪، في حين لم تتجاوز 26٪ في المجتمع الحريدي و18٪ في المجتمع العربي.
وبيّن التقرير أن 71٪ من مجمل الامتيازات الضريبية تُمنح للشرائح الثلاث العليا من الدخل، بينما لا يحصل نصف العاملين الأدنى دخلًا سوى على أقل من 10٪ من مجموع الإعفاءات.
فعلى سبيل المثال، يحصل عامل في الشريحة العُليا على امتياز ضريبي سنوي بمتوسط 6,200 شيكل، أي خمسة أضعاف ما يحصل عليه عامل في الشريحة الخامسة، وأكثر من 100 ضعف العامل في الشريحة الدنيا.
وعلى مدى مسيرة عمل تمتد لـ36 عامًا، يتوقّع أن يستفيد العامل في الشريحة العليا من إجمالي إعفاءات تصل إلى نحو 173 ألف شيكل، أي أكثر بـ150 مرة من العامل في الشريحة الدنيا.
التوصية: خفض سقف الدخل المؤهّل أو الإلغاء التدريجي
يقترح التقرير خفض سقف الدخل الذي يتيح الاستفادة من الامتياز الضريبي، كخيار رئيسي لتقليص الفجوات من دون المساس بذوي الدخل المنخفض.
ووفق المحاكاة التي أجراها قسم الاقتصاد، فإن تطبيق هذه الخطوة سيوفّر 1.7 مليار شيكل سنويًا لخزينة الدولة.
كما طُرحت بدائل أخرى، منها إلغاء الإعفاء من ضريبة الأرباح الرأسمالية أو تقييده بفترة زمنية لا تتجاوز ست سنوات، إلا أن التقرير خلُص إلى أن خفض السقف هو الخيار الأكثر عدالة وفعالية.
وأشار التقرير إلى أن الأموال التي سيتم توفيرها يمكن توجيهها نحو خفض معدلات الضرائب العامة أو تمويل مشاريع في التعليم والبنى التحتية، بما يحقق فائدة اقتصادية أوسع وأكثر عدالة.
فقدان الهدف الأصلي للصناديق
ولفت التقرير إلى أنّ صناديق الادّخار المهنية فقدت هدفها الأصلي منذ ثمانينيات القرن الماضي، حين أُنشئت لتمويل "دورات التدريب المهني"، لتتحوّل تدريجيًا إلى أداة ادّخار عامة مرنة ومعفاة من الضرائب.
ويُقدَّر إجمالي الأصول المُدارة في هذه الصناديق اليوم بنحو 406 مليارات شيكل، ما يعادل 22٪ من مجمل مدّخرات الأسر الإسرائيلية.
وأكدت وزارة المالية أن النظام الحالي يفتقر إلى الشفافية ويزيد من عدم المساواة في توزيع الموارد، معتبرة أن "الإبقاء على الإعفاءات بشكلها الحالي لم يعد مبرّرًا اقتصاديًا".
وفي المقابل، دعا التقرير إلى إقامة آلية ادّخار جديدة "عادلة ومتاحة لجميع المواطنين"، تضمن حوافز متوازنة لا تُميّز بين الشرائح الاجتماعية.


