تصرّ حكومة رئيس الوزراء نتنياهو على عدم المضي نحو المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل استعادة جثماني المختطفين القتلى ريعان غويلي وسونتيسك رينتالك، وذلك بعد استرجاع جثمان المختطف درور أور. وتشير مصادر إسرائيلية إلى أنّ عمليات البحث في غزة تستمر بوتيرة منخفضة، معتبرة أنّ لدى حماس "إمكانية لبذل جهد أكبر" في تحديد موقع الجثمانين.
وترفض إسرائيل فتح معبر رفح أو زيادة إدخال المساعدات الإنسانية، كما تمتنع عن مناقشة أي انسحابات إضافية من "الخط الأصفر" قبل حسم ملف المختطفين، وفق ما تنقله المصادر نفسها. وبحسب هذه التقديرات، فإنّ أيّ تقدّم في الملفات المدنية أو خطط إعادة الإعمار لن يتم قبل استعادة الجثمانين.
عقدة الأنفاق وتعطّل المرحلة الثانية
من بين العقبات التي تؤخّر الانتقال للمرحلة الثانية بقاء عشرات المسلّحين التابعين لحماس داخل شبكة الأنفاق في رفح. وتنقل تقارير إسرائيلية أنّ تل أبيب كانت مستعدة للسماح بخروج هؤلاء نحو "دولة ثالثة"، لكنّ أيّ دولة لم تُبدِ استعدادًا لاستقبالهم. وأفادت المصادر بأنّ عددًا من العناصر خرجوا من الأنفاق خلال الأسابيع الماضية، حيث قُتل بعضهم بينما سلّم آخرون أنفسهم.
وقال الناطق باسم حماس، حازم قاسم، إنّ "المرحلة الثانية تتضمّن تعقيدات وتتطلّب توافقًا وطنيًا"، في إشارة إلى المفاوضات الجارية حول مستقبل القطاع.
أزمة قوة التثبيت الدولية
تبذل الولايات المتحدة جهودًا لتشكيل قوة التثبيت الدولية (ISF) المفترض نشرها في غزة، لكنّها تواجه صعوبة في تأمين دول عربية وإسلامية ترغب بإرسال آلاف الجنود. وأبدت أذربيجان في البداية استعدادًا مبدئيًا، لكنها تراجعت لاحقًا لأسباب يُعتقد أنّ من بينها ضغوط تركية، إذ تسعى أنقرة ـ ومعها الدوحة ـ لزيادة نفوذها في ترتيبات "اليوم التالي".
وتعارض إسرائيل بشدّة أي دور تركي أو قطري في القوة الدولية، فيما تبدي انفتاحًا محدودًا تجاه أذربيجان وإندونيسيا. وبحسب مصادر مطّلعة، فإنّ غياب تعاون حماس مع القوة المقترحة يجعل الدول المشاركة أمام احتمال مواجهة مباشرة مع الحركة.
خلافات داخلية وهواجس إسرائيلية
تنقل مصادر إسرائيلية أنّ تشكيل قوة التثبيت يواجه "جمودًا كاملًا"، وأنّ وصول أولى الوحدات ـ إن حصل ـ سيحتاج إلى تدريب وتأهيل قبل دخول غزة. وتؤكد هذه المصادر أنّ تل أبيب لا تقبل سوى "تفكيك كامل" لقدرات حماس العسكرية، وترفض مقترحات تتحدث عن تفكيك جزئي أو دمج عناصر من الحركة في أجهزة أمنية محلية مستقبلية.
وتضيف المصادر أنّ الخلاف داخل القيادة الإسرائيلية يتمحور حول ما إذا كان ينبغي الانتقال للمرحلة الثانية في حال تعذّر تحديد موقع المختطفين القتلى. وتشير التقديرات إلى أنّ الضغط الأميركي قد يتصاعد في الأسابيع المقبلة، في ظل ما تعتبره واشنطن "مماطلة إسرائيلية".
تحرّكات إقليمية ومسار إنساني
عُقدت في القاهرة أمس اجتماعات جمعت رئيس الاستخبارات المصرية ورئيس الاستخبارات التركية ورئيس الوزراء القطري، لبحث آليات الانتقال للمرحلة الثانية "وتعزيز التنسيق مع القيادة الأميركية"، وفق ما نقلته مصادر دبلوماسية.
وفي السياق الإنساني، أعلنت المكاتب التنسيقية الأميركية والإسرائيلية أنّ أكثر من 16,600 شاحنة مساعدات دخلت القطاع منذ وقف إطلاق النار، وأنّ 199 مطبخًا محليًا ينتجون نحو 1.5 مليون وجبة يوميًا، وسط استمرار التنسيق اللوجستي بين الطرفين.


