الإسكندرية، المدينة العريقة، ابنة الإسكندر الأكبر وموطن الملكة كليوباترا، أمامَ تهديد غير مسبوق. مع تغيّر المناخ وارتفاع مستوى سطح البحر، يتصاعد القلق حول مصير واحدة من أعرق مدن البحر المتوسط، التي آخذة في الغرق ببطء. فهل يتحوّل البحر الذي منحها مجدَها إلى كابوس يهدّد وجودها؟
الإسكندرية في مواجهة البحر
تحذّر التقارير العلمية الحديثة من التآكل السريع لسواحل المدينة بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر، ممّا قد يؤدّي الى غرق بعد مناطقها بالكامل خلال العقود القادمة.
وفقًا لدراسات بيئيّة، فإنّ منسوب مياه البحر المتوسط قد يرتفع بمعدّل يتراوح بين 50 إلى 100 سنتيمتر بحلول عام 2100. قد يؤدّي ذلك إلى فقدان أجزاء كبيرة من الساحل الشمالي لمصر، بما في ذلك مناطق مهمة في الإسكندرية والمناطق القريبة من البحر، كمنطقتيّ "بحري" والمنشية".
لماذا يحدث هذا؟
السبب الرئيسي لهذا التهديد هو تغيّر المناخ العالمي الناتج عن الاحتباس الحراري. يؤدّي الذوبان التدريجيّ للأنهار الجليديّة، الى جانب تمدّد المياه بفعل ارتفاع درجات الحرارة، الى ارتفاع مستوى سطح البحر.
هذا بالإضافة الى المشكلات الأخرى التي تعاني منها الإسكندرية نفسها؛ فإلى جانب تآكل السواحل وضعف البنية التحتية، تواجه المدينة هبوطًا تدريجيًا في مستوى الأرض، نتيجة بنائها على تربة طينية ناعمة تكوّنت على مدى آلاف السنين بفعل ترسّبات نهر النيل، والتي تتعرّض للضغط المستمرّ.
جهود الإنقاذ: هل ما زال هناك أمل؟
تعمل الحكومة المصرية على عدة مشاريع لمواجهة الأزمة، من بينها بناء حواجز بحرية جديدة للحدّ من تأثير الأمواج والتآكل، وتحسين أنظمة تصريف المياه لمواجهة الفيضانات المحتملة؛ إضافةً الى إعادة تقييم التخطيط العمراني لمنع البناء في المناطق الأكثر عرضةً للخطر.
ومع ذلك، يؤكّد الخبراء أنّ هذه الجهود وحدها لن تكفي، بل يتطلّب الأمر التزامًا دوليًا بالعمل على الحدّ من التغير المناخي عالميًا، عبر تقليل انبعاثات الغازات الدفيئة.
من هنا فإنّ هذه الجهود ضرورية لحماية المدينة، وإلّا فقد يبدو المشهد المستقبلي قاتمًا: مناطق كاملة من المدينة قد تختفي تحت الماء، والملايين سيجبرون على مغادرة منازلهم. فهل يمكن إنقاذ الإسكندرية، أم أننا أمام مشهد لا مفرّ منه؟