في واحدة من أكبر الصفقات في تاريخ قطاع الطاقة الإسرائيلي، أعلنت شركتا نيو-ميد إنرجي وعملاق الطاقة الأميركي شيفرون، الشريك الرئيسي في حقل "ليفياثان"، عن توقيع اتفاقية لبيع نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي لشركة بلو أوشن إنرجي المصرية، بقيمة تصل إلى 35 مليار دولار، على أن يبدأ جزء من التوريد عام 2026.
الكمية المباعة تفوق بعشرة أضعاف حجم الاستهلاك السنوي للغاز في إسرائيل، ما يجعل من الصفقة خطوة استراتيجية ذات أبعاد اقتصادية وجيوسياسية واسعة.
أبعاد اقتصادية
وفقا لخبراء اسرائليين فإنّ الصفقة ستساهم في: تشجيع عمليات الاستكشاف لمصادر غاز جديدة داخل إسرائيل، وزيادة عائدات الضرائب بفضل "ضريبة ششنسكي"، ما يضيف مليارات إلى صندوق الثروة الوطني، اضافة الى تعزيز استثمارات البنية التحتية، بما في ذلك إنشاء خط أنابيب جديد لربط الحقول بمنصات الإنتاج، ضمن خطة استثمارية بقيمة 2.5 مليار دولار.
أبعاد جيوسياسية
إلى جانب المكاسب الاقتصادية، يرى خبراء أن الصفقة تعكس تغيرًا في موازين العلاقات الإقليمية:مصر، التي تعتمد بشكل متزايد على الغاز الإسرائيلي، تتحول بشكل غير مباشر إلى شريك سياسي مهم لإسرائيل، في وقت يشهد فيه موقعها الدولي تراجعًا.
الأردن يستمر أيضًا في شراء الغاز من إسرائيل، ما يعزز الارتباطات الاقتصادية الإقليمية.
حضور شخصيات رفيعة من مصر، المغرب، أذربيجان وبلغاريا في حفل زفاف الرئيس التنفيذي لنيو-ميد، يـوسي أبو، يعكس حجم شبكة العلاقات التي نسجتها إسرائيل حول قطاع الغاز.
أبطال الصفقة
النجاح يُنسب إلى ثلاثة أطراف رئيسية:يوفال شتاينيتس، وزير الطاقة السابق، الذي دافع بقوة عن "خطة الغاز" رغم المعارضة.
إيلي كوهين، وزير الطاقة الحالي، الذي منح الضوء الأخضر لتوسيع التصدير متجاهلًا ضغوطًا داخلية.
يـوسي أبو، الرئيس التنفيذي لنيو-ميد، الذي عزز علاقاته مع كبار مسؤولي قطاع الطاقة في مصر، ولعب دورًا محوريًا في إنجاح الاتفاق.
تحديات داخلية
ورغم الزخم، يحذر خبراء من أن النجاح قد يُخفي تحديات داخلية في سوق الطاقة:المفاوضات جارية بشأن تجديد عقود توريد الغاز لشركة الكهرباء الإسرائيلية.
ارتفاع الأسعار فوق 4.5 دولار للمتر المكعب قد ينعكس مباشرة على أسعار الكهرباء، ما يثير قلقًا شعبيًا.
"ما جدوى صفقة بـ35 مليار دولار مع مصر، إذا كان المواطن الإسرائيلي سيجد نفسه يدفع أكثر مقابل الكهرباء؟" – يتساءل مراقبون.
صفقة الغاز العملاقة مع مصر تمثل قفزة نوعية لإسرائيل اقتصاديًا وسياسيًا، لكنها تضع في الوقت نفسه علامات استفهام حول التوازن بين التوسع في التصدير والحفاظ على استقرار السوق المحلي.