من المستوطنات إلى رئاسة الشاباك: زيني يبدأ ولايته وسط مخاوف من تشديد القبضة على المجتمع العربي

بعد مخاض عسير وخلافات غير مسبوقة شهدها المسوتيين السياسي والقضائي، زيني يلتقي بهرتسوغ ويعيد الجدل من جديد على الساحة

2 عرض المعرض
هرتسوغ يلتقي رئيس الشاباك الجديد دفيد زيني
هرتسوغ يلتقي رئيس الشاباك الجديد دفيد زيني
هرتسوغ يلتقي رئيس الشاباك الجديد دفيد زيني
(مكتب رئيس الدولة)
استقبل رئيس الدولة إسحاق هرتسوغ اليوم رئيس جهاز الأمن العام "الشاباك" الجديد، دافيد زيني، وعائلته بمناسبة تسلّمه منصبه رسميًا.
يأتي هذا الاستقبال بعد فترة صاخبة رافقت هذا التعيين الذي عاش مخاضا صعبا، وذلك إثر المواجهة المحتدمة بين المستوى السياسي ممثلا بالحكومة من جهة، والمستوى القضائي المدعوم من المعارضة من جهة أخرى، فيما غذّت مواقف زيني السياسية وانتمائه العقائدي هذه الخلافات التي وصلت إلى حدّ خطير لم تبلغه أي تعيينات سابقة بهذا المستوى.

"جسم فوق الانقسامات"

استلام زيني منصبه رئيسا للشاباك يعيد أزمة التعيين للواجهة: قراءة معمّقة لمحمد مجادلة
غرفة الأخبار مع عفاف شيني
09:25
وفي كلمته، قال هرتسوغ: "تبدأ ولايتك في مهمة وطنية مهمة خلال فترة معقّدة مليئة بالتحديات. أنت تصل بخبرة واسعة في مجالات الأمن، وأنا على ثقة بقدرتك على النجاح. عيون الشعب كلّه شاخصة إليك – فنحن نريد الأمن والسلام والسكينة في المجتمع الإسرائيلي، والحفاظ على قيم الدولة"، مضيفًا شكره لعناصر الشاباك "الذين ينقذون الأرواح يوميًا ويحافظون على أمن إسرائيل".
من جانبه، قال زيني: "شرحت لأطفالي معنى الرمزية التي يمثلها بيت الرئاسة كجسم فوق الانقسامات، رمزًا للوحدة والجذور المشتركة. سنعمل بروح المسؤولية والولاء لهذا الشعب ولدولته وقيمها، وبروح الوحدة والتضامن من أجل أمن الدولة ومواطنيها"، مؤكدًا التزامه "بأن يكون هو وزملاؤه رسلًا أوفياء للشعب، وبذل كل الجهود في سبيل حماية إسرائيل".

قراءة معمّقة في خلفية التعيين

2 عرض المعرض
هرتسوغ يلتقي رئيس الشاباك الجديد دفيد زيني
هرتسوغ يلتقي رئيس الشاباك الجديد دفيد زيني
هرتسوغ يلتقي رئيس الشاباك الجديد دفيد زيني
(مكتب رئيس الدولة)
ويبدو أن زيني في كلمته حاول أن يتعالى عن كل خلاف وأزمة رافقت تعيينه، لكنّ هذا اليوم يُعيد إلى الواجهة أصل الحكاية.
في حوار سابق، قدّم الزميل الصحفي محمد مجادلة – مدير الأخبار في راديو الناس قراءة سياسية معمّقة لهذه التطورات، أوضح فيها أن التعيين جاء بعد مسار قضائي معقّد شمل التماسات وتعطيلات وتأجيلات، "إذ اضطرت المستشارة القضائية إلى المصادقة على التعيين ليس برغبتها وإنما بقرار قضائي، بعد أن صادقت لجنة غرونس المختصة على الخطوة". وأضاف: "نتنياهو كان يرغب في تمرير التعيين مباشرة عبر الحكومة، لكن المحكمة العليا ألزمته بالمسار القانوني".

كارثة 7 أكتوبر وانعكاسها

حول البعد التاريخي للتعيين، قال مجادلة: "زيني يدخل إلى المنصب بعد زلزال أمني هو كارثة السابع من أكتوبر، التي اعتُبرت أكبر فشل استخباراتي في تاريخ إسرائيل، تمامًا كما واجه الجهاز صدمة كبيرة في أعقاب اغتيال رابين".
وتوقف مجادلة عند أهمية الشاباك كجهاز، مبينًا أن "هذا الجهاز هو الأكثر حساسية في إسرائيل، ولديه صلاحيات تتجاوز أحيانًا القانون بموجب 'قانون الشاباك'، الذي يمنحه امتيازات غير موجودة لدى أجهزة أخرى، من أجل الحفاظ على النظام والسلطة".
وفي السياق السياسي، لفت إلى أن العلاقة بين نتنياهو ورؤساء الشاباك السابقين كانت دائمًا إشكالية، وتابع في هذا السياق: "أكثر من رئيس للشاباك كشفوا أن نتنياهو طلب منهم مهام غير قانونية، مثل مراقبة وزراء الكابينيت أو التجسس على مواطنين. غالبية التقديرات تشير إلى أن زيني سيكون أكثر تجاوبًا مع مطالب نتنياهو، وقد يقول نعم حيث قال الآخرون لا".

من المستوطنات الى الشاباك

كما تطرّق إلى الخلفية الشخصية لزيني، قائلاً: "الإعلام الإسرائيلي يسلّط الضوء على نشأته داخل عائلة استيطانية متطرفة، بل إن والده صرّح في تسجيل بأنه لو كان عضو كنيست لكان أطلق النار على أحمد الطيبي. أما زيني نفسه، فقد وصف الحرب في غزة بأنها 'حرب أبدية' من أجل بقاء الشعب اليهودي"، مؤكدًا أن شخصيته توصف بالمتشددة.
وعن دوافع نتنياهو، قال مجادلة: "رئيس الحكومة تعمّد عقد جلسة عاجلة فور عودته من واشنطن فقط من أجل التصويت على تعيين زيني، لأنه لم يرد فتح أي نافذة لتعطيله. هذا يكشف عن أهمية التعيين بالنسبة إليه، خصوصًا في ظل حديث متصاعد داخل إسرائيل عن إمكانية تلاعب نتنياهو بالمنظومة الديمقراطية أو تأجيل الانتخابات".
لكن مجادلة أشار أيضًا إلى سيناريو آخر، موضحا: "صحيح أن نتنياهو قد يرى في زيني الرجل المناسب له، لكن التجارب السابقة تُظهر أن كثيرين ممن عيّنهم انقلبوا عليه لاحقًا، مثل أيال زمير في الجيش، أو روني ألشيخ في الشرطة، وحتى المستشار القضائي مندلبليت الذي وجّه له لوائح اتهام".
وختم بالقول: "الفارق هنا أن تعيين رئيس الشاباك يتم مباشرة بقرار من رئيس الحكومة، ولذلك المسألة مختلفة وأكثر حساسية. يبقى السؤال: هل سيكون زيني رجل نتنياهو المطيع، أم سينقلب عليه كما فعل آخرون؟"