تشهد البلاد في الأسابيع الأخيرة ارتفاعًا حادًا في أسعار اللحوم، ما تسبب بعبء كبير على المستهلكين، خاصة مع اقتراب موسم الأعراس. وقد بلغ سعر كيلو لحم الخروف في بعض المناطق 180 شيكلًا، مقارنة بـ90 شيكلًا فقط قبل أشهر معدودة، بحسب ما أكده أصحاب الملاحم في حديث لراديو الناس.
الأثر الأوضح لهذا الارتفاع يظهر في قطاع المناسبات والأعراس، حيث بدأ العديد من العائلات بتقليص عدد المدعوين، واستبدال لحم الخروف بلحم العجل أو حتى الدجاج، لتقليل النفقات.
أعراس بلا منسف.. الطقوس تتغيّر تحت ضغط الأسعار
وقال الشيف عاطف يونس، طباخ مناسبات وأعراس، في حديث لراديو الناس:""أسعار لحمة الخروف وصلت اليوم إلى ما بين 140 و170 شيكل، وهي تضاعفت خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة. سابقًا كنا نشتري الخروف بـ80 شيكل للكيلو، اليوم السعر ارتفع للضعف تقريبًا. هذا أدى إلى تراجع كبير في استخدام لحمة الخروف في الأعراس، والناس أصبحت تلجأ إلى لحم العجل أو حتى تقلل عدد المدعوين".
وأضاف يونس:"في منطقتنا، خصوصًا في الناصرة وما حولها، هناك عادة متجذّرة في تقديم المنسف بلحم الخروف. الناس تشعر أن لحم العجل أو الدجاج لا يحمل نفس القيمة الاجتماعية. لكن مع الغلاء الحاد، بدأنا نرى تغييرًا تدريجيًا في هذه العادات".
"خروف بـ180 شيكل؟".. صدمة المستهلكين وتراجع الإقبال
أما علاء نمر، صاحب ملحمة في شفاعمرو، فقال:"نحن نبيع لحم الخروف منزوع العظم بـ180 شيكل، بينما في بعض البلدات الأخرى يُباع مع العظم بـ120–130 شيكل. ومع هذا، لا يزال الغلاء واضحًا. الزبائن يشتكون من الأوضاع الاقتصادية، ونحن بدورنا نقترح عليهم بدائل، مثل لحم العجل، لتخفيف التكاليف".
وتحدث نمر عن اجتماع أُجري مؤخرًا بين عدد من أصحاب الملاحم في شفاعمرو بهدف مناقشة الأزمة:"اقترحنا خطوات للتعامل مع الغلاء، بينها التوقف المؤقت عن ذبح الخرفان، لكن المشكلة الأساسية أن السوق المحلي لم يعد يوفر الكميات الكافية من اللحوم، وبالتالي لا يمكننا الضغط لتخفيض الأسعار".
البدائل على الطاولة: العجل والدجاج بديلان أقل تكلفة
وفي السياق ذاته، أشار الخبير الاقتصادي عمر فندي إلى أن "الأزمة تعود بالأساس إلى توقف حركة الاستيراد عبر البحر الأحمر بسبب الحرب، ما أجبر السفن على الالتفاف عبر مضيق جبل طارق، مما رفع التكاليف بشكل كبير".
وأوضح فندي أن "إسرائيل كانت تعتمد بشكل شبه كلي على استيراد لحم الخروف من أستراليا، ومع تعقيد الشحن وارتفاع تكاليف النقل، أصبحت الكميات أقل والأسعار أعلى. في المقابل، إنتاج اللحوم محليًا غير مجدٍ اقتصاديًا بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف وصعوبة المنافسة مع الأسعار العالمية".
وأكد فندي أن "الارتفاع الحالي في الأسعار قد يكون مؤقتًا، لكن من غير المتوقع أن تعود الأسعار إلى سابق عهدها قريبًا، خاصة مع بقاء العوامل الجيوسياسية والاقتصادية المؤثرة كما هي".
وختم حديثه بالقول:"علينا التكيّف مع الواقع، سواء في الأعراس أو في الاستهلاك اليومي. لم يعد من الممكن إقامة أعراس ضخمة كما في السابق، والتغيير في العادات بات ضرورة وليس خيارًا".