حذّر البروفيسور أسعد غانم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة حيفا، من التراجع المقلق في عدد الطلاب العرب الملتحقين بمعاهد التعليم العالي في إسرائيل، مؤكدًا أن هذا الانخفاض يأتي بعد عقدين من الارتفاع التدريجي والمبشّر، خصوصًا في أوساط الطالبات العربيات اللواتي شكّلن الأغلبية في السنوات الأخيرة.
جاءت تصريحات غانم خلال مقابلة ضمن برنامج "استوديو المساء" مع الإعلامي فرات نصار عبر راديو الناس، حيث أكد أن هذا التراجع يعكس أزمة مركّبة اجتماعية واقتصادية وسياسية يعيشها المجتمع العربي داخل إسرائيل.
البروفيسور أسعد غانم: التراجع يعكس أزمة مركّبة يعيشها المجتمع العربي داخل إسرائيل
"استوديو المساء" مع فرات نصار
09:06
أسباب التراجع: الحرب، الأزمة الاقتصادية، والتمييز البنيوي
أوضح البروفيسور غانم أن الحرب الأخيرة وما رافقها من تدهور اقتصادي وضغوط اجتماعية لعبت دورًا رئيسيًا في عزوف عدد من الطلاب العرب عن استكمال دراستهم الجامعية، مشيرًا إلى أن استطلاعات أُجريت خلال الحرب أظهرت أن "عددًا كبيرًا من الطلاب العرب فكروا في ترك التعليم، أو الانتقال إلى جامعات خارج البلاد، أو الانخراط في مسارات تعليم بديلة".
وأضاف أن الأجواء داخل الجامعات الإسرائيلية أصبحت طاردة للطلاب العرب وسياسة الإدارات من مراقبة وملاحقة، إذ تسودها مظاهر من التمييز والتوتر:"وجود جنود مسلحين في الحرم الجامعي، والخشية من التحدث بالعربية في المساحات العامة، جعلت البيئة التعليمية غير مريحة للطلاب العرب"، قال غانم، مشيرًا إلى أن إدارات الجامعات "راقبت الطلاب العرب وضيقّت عليهم بشكل مبالغ فيه، وأصدرت أوامر بإخلاء بعضهم من السكن الطلابي، بل وعلّقت تعليمهم دون مبررات قانونية واضحة".
سياسات الجامعات الإسرائيلية
وفيما أقرّ بوجود تفاوت في سياسات الجامعات الإسرائيلية، وجّه غانم انتقادات حادة لإدارة جامعة حيفا، معتبرًا أنها كانت "الأسوأ" في تعاملها مع الطلاب العرب خلال الحرب.
وقال:"أرسلت قبل الحرب بستة أشهر رسالة لإدارة الجامعة محذرًا من التمييز القائم، لكن خلال الأسبوع الأول من الحرب اتخذت الجامعة خطوات غير معقولة، منها طرد طالبات من السكن الطلابي، في مشهد يعكس محاولة لمجاراة الجو اليميني السائد في الدولة وإرضاء مجلس التعليم العالي ووزير المعارف." وأشار إلى أن نسبة العاملين الإداريين العرب في جامعة حيفا لا تتجاوز 10%، رغم أن العرب يشكّلون نحو 50% من سكان المدينة ومحيط الجامعة، معتبرًا ذلك دليلاً على "غياب المساواة البنيوية في مؤسسات التعليم العالي".
دعوة لإصلاح شامل
اختتم البروفيسور غانم حديثه بدعوة إلى إعادة النظر في سياسات الجامعات الإسرائيلية تجاه الطلاب العرب، قائلاً إن "التمييز في التعليم ليس فقط مسألة أكاديمية، بل قضية انتماء وهوية ومواطنة"، مشددًا على ضرورة أن تعمل المؤسسات الأكاديمية على "خلق بيئة تعليمية عادلة وآمنة ومحفزة لجميع الطلاب، بعيدًا عن أي اعتبارات قومية أو سياسية".



