كشفت رابطة مكافحة التشهير في تقرير جديد عن صورة قاتمة لانتشار معاداة السامية في الجامعات الأميركية منذ اندلاع الحرب على غزة. ووفقاً للتقرير، فإن نحو ثلاثة من كل أربعة أكاديميين يهود في الولايات المتحدة أفادوا بتعرضهم لتصريحات أو ممارسات معادية لليهود من جانب زملاء أو إدارات جامعية، فيما قال 60% إنهم واجهوا تعليقات مناهضة لإسرائيل، وأشار 5% إلى تعرضهم لاعتداءات جسدية أو أضرار بممتلكاتهم.
كما أظهر التقرير أنّ 38% من المستطلعة آراؤهم شعروا بالحاجة إلى إخفاء هويتهم اليهودية أو الإسرائيلية، بينما اعتبر أكثر من نصفهم أنّ استجابة مؤسساتهم لهذه الظواهر غير كافية.
مقاطعة من يعرّف نفسه "صهيونيا"
تضمن التقرير شهادات من بينها شهادة أستاذ جامعة يهودي تحدث عن رئيس قسم حوّل وحدته الأكاديمية إلى ما وصفه بـ"معسكر مؤيد للفلسطينيين"، مليء بالشعارات مثل "من النهر إلى البحر". وعندما احتج هو وآخرون، واجه هجوماً كلامياً من نحو 50 شخصاً اتهموه بأن "لليهود المال والقوة في العالم". آخرون رووا أنّ زملاء توقفوا عن محادثتهم بعد أن عرّفوا أنفسهم كـ"صهاينة"، فيما تحدّث باحثون إسرائيليون عن إقصائهم من برامج أكاديمية أو دفعهم إلى الانسحاب مبكراً.
وأوردت شهادات أخرى أنّ أقساماً جامعية حذّرت طلابها من الاستشهاد بـ"كتّاب صهاينة"، حتى في موضوعات لا صلة لها بإسرائيل أو بالأراضي الفلسطينية. كما أشار نصف المشاركين إلى أنهم واجهوا تداعيات لعمليات مقاطعة، مثل رفض تنظيم فعاليات مشتركة مع مجموعات يهودية أو مؤيدة لإسرائيل، وعرقلة شراكات مع باحثين إسرائيليين، وإلغاء محاضرات. وذكر 8% أنّ مقرراتهم تعرّضت لمقاطعة، و21% أنّ فعالياتهم أُعاقَت من قبل محتجين.
انسحاب من مساق تعليمي "لأن المحاضر يهودي"
ومن بين الأمثلة اللافتة: أستاذ في "أخلاقيات الهندسة" قال إن طلابه انسحبوا من مساقه فقط بعدما اكتشفوا أنه يهودي، ما أدى عملياً إلى إلغاء تدريسه. كما أفاد آخرون عن إلغاء برامج دراسية في إسرائيل أو تخريبها، وظهور حملات تشويه وتشهير مثل نشر معلومات شخصية دفعت إدارات جامعية لنصح أساتذة بالتدريس من منازلهم لدواعٍ أمنية.
وأشار التقرير أيضاً إلى دور اتحادات طلابية وأكاديمية مؤيدة للفلسطينيين، حيث قال 44% من المستطلعين إن لمؤسساتهم فروعاً لهذه الاتحادات، والتي تنظم احتجاجات، وتوزع مواد مناهضة لإسرائيل، وتدعم حملات سحب الاستثمارات. ووفق الشهادات، ساهمت هذه الأجواء في شعور بالاستبعاد من لجان أكاديمية وبانحياز في تقييم الأبحاث.
وفي موازاة هذا الواقع، أثار هذا الأسبوع حكم قضائي جدلاً واسعاً، إذ قررت محكمة الاستئناف الفيدرالية في فيلادلفيا لصالح البروفيسور جيسون رضا جورجاني، أستاذ الفلسفة في معهد نيوجيرسي للتكنولوجيا، بعدما رُفض تجديد عمله بسبب تصريحات أدلى بها خارج الحرم الجامعي، امتدح فيها أدولف هتلر وتوقع أن يُعتبر في المستقبل أحد أعظم القادة الأوروبيين. المحكمة رأت أن تصريحاته، رغم فحواها المثير للجدل، محمية بموجب التعديل الأول للدستور الأميركي.