تعاني البلدات العربية من نقص كبير في أماكن ركن السيارات، وتحديدًا في الحيّز العام. ذلك فضلاً عن افتقارها لمنظومة رقابة من قبل السلطات المحلية، ما يؤدي إلى اختناقات وأزمات مرورية بسبب هذه الظاهرة.
وفي المقابل، شرعت العديد من البلديات في تنظيم مسألة ركن السيارات والحفاظ على نظافة الحيز العام داخل المدن والبلدات، في خطوة تهدف إلى تحسين البنية التحتية وخدمة المواطنينن وآخرها مدينة كفر قرع
البلدات العربية تشهد قفزة نوعية
مخطط المدن عبد شحادة: البلدات العربية تشهد قفزة نوعية
غرفة الأخبار مع عفاف شيني
06:14
عبد شحادة، وهو مخطط المدن ومستشار لجنة القطرية للسلطات المحلية، بالخطوات التي تقوم بها بعض البلديات العربية لتنظيم مواقف السيارات وتطوير البنية التحتية، مؤكدًا أن هذه الخطوات تمثل جزءًا من جهود أوسع لتحسين الخدمات الحضرية في المدن والبلدات العربية.
وقال شحادة في مقابلة مع راديو الناس: "خطوة تنظيم مواقف السيارات واعتماد أنظمة جديدة في المدن والبلدات العربية خطوة مباركة ومهمة، وهي جزء من تطوير آليات العمل والمراقبة والمتابعة داخل السلطات المحلية". وأضاف: "لكي تتمكن السلطة المحلية من تنظيم مواقف السيارات، تحتاج أولًا إلى تنظيم البنية التحتية والشوارع، وبناء منظومة متكاملة تتيح لها تطبيق الأنظمة بشكل فعال".
تحديات عديدة اجتماعية ولوجستية
وأشار شحادة إلى التحديات التي تواجه البلديات في هذا المجال، موضحًا أن "أحد التحديات الرئيسية يتعلق بالمساحات الضيقة في مراكز المدن والقرى العربية، وغالبًا ما تكون الأراضي ملكية خاصة، مما يصعب عملية تنظيم الشوارع ومواقف السيارات". وأضاف: "التحدي الثاني يتعلق بالميزانيات؛ فالقدرة على تمويل تطوير البنية التحتية محدودة، ولذلك تعتبر المداخل الذاتية أحد الخيارات لدعم الميزانية المحلية".
وتطرق شحادة إلى أهمية إشراك السكان في نجاح هذه المشاريع، موضحًا أن "التجربة والمعرفة والثقة لدى السكان تلعب دورًا رئيسيًا في تحقيق الفائدة العامة، فالتزام المجتمع المحلي يجعل تنفيذ المشاريع أكثر فعالية ويعود بالنفع على الجميع". وأكد أن "السلطة المحلية بحاجة لتجهيز خطط عمل واضحة، والتعاون مع مهنيين بدرجة عالية، والعمل بشفافية، وتكامل الأدوار للوصول إلى تنظيم فعّال ليس فقط في مواقف السيارات، بل في كل المجالات التي تتطلب تنظيمًا وإدارة".
وحول المعايير التخطيطية، قال شحادة: "عند إطلاق مشاريع من هذا النوع، على البلديات الالتزام بالمعايير التخطيطية المعمول بها في المدن الأخرى، بما يشمل المساحات والتخطيط العام والجودة. التحدي الأكبر هو تطوير المساحات الضيقة التي غالبًا ما تكون في مراكز المدن القديمة، حيث الكثافة السكانية عالية والقدرة على فتح شوارع جديدة محدودة".
وأوضح شحادة أن "تجربة بعض المدن مثل باقة، الطيرة وسخنين تشير إلى إمكانية السير في هذا الاتجاه، شرط أن تكون هناك جهوزية كاملة من قبل السلطات المحلية، ووعي وتعاون من قبل المواطنين لتحقيق أفضل النتائج".
كفر قرع تطلق مشروع تنظيم ركن السيارات
فراس بدحي: انطلقنا بمشروع تنظيم ركن السيارات في مدينة كفر قرع
غرفة الأخبار مع عفاف شيني
07:24
وبدورها، أعلنت بلدية كفر قرع عن انطلاق مشروع جديد لتنظيم ركن السيارات والحفاظ على نظافة الحيز العام داخل المدينة، في خطوة تهدف إلى تحسين البنية التحتية وخدمة المواطنين، بحسب ما صرح به رئيس البلدية، المحامي فراس بدحي، في مقابلة مع راديو الناس.
وقال بدحي: "الدوافع الأساسية لهذا المشروع هي رفع مستوى الوعي لقضية تنظيم السير وحل مشاكل أزمات المرور داخل المدينة العربية، إذ إن عدم وجود نظام واضح في الشوارع والقوانين المساعدة لتنظيم ركن السيارات كان أحد الأسباب التي دفعتنا لإطلاق هذا المشروع". وأضاف: "الفكرة الرئيسية للمشروع هي أولًا تنظيم ركن السيارات لتقليل أزمة السير، ومن ثم تحقيق مدخولات للبلدية وفق القوانين المساعدة، بما يساهم في دعم الميزانية المحلية".
فرض القانون على أرض الواقع قريبا
وأوضح بدحي أن المشروع سيبدأ في خمس شوارع رئيسية داخل كفر قرع، مؤكدًا أن تطبيق النظام على أرض الواقع سيبدأ من الأول من سبتمبر المقبل. وأوضح: "كل من يخالف القوانين المساعدة أو يركن السيارة في مكان غير معد لذلك، مثل أماكن ذوي الاحتياجات الخاصة، سيتم تحرير مخالفات بحقه من قبل مفتشي البلدية". وأضاف: "ستكون هناك رقابة قوية في الأحياء والشوارع لضمان تطبيق النظام بشكل كامل".
وعن ردود فعل المواطنين، قال بدحي: "كانت ردود الفعل متباينة؛ فهناك من أثنى على المشروع ومنح تقييمًا إيجابيًا لتنظيم حركة المرور داخل المدينة، بينما أبدى آخرون قلقهم من إمكانية فرض غرامات على المخالفين. لكن الخيار دائمًا أمام المواطن هو الالتزام بالقوانين والركن في الأماكن المخصصة". وأضاف: "عندما نسافر إلى تل أبيب أو إلى مناطق أخرى ونلتزم بالأنظمة، لا نجد اعتراضًا، أما عندما تُطبق هذه الأنظمة في المدن العربية، فتظهر الانتقادات، ونحن نتقبلها، لكنها جزء من تطور المدينة والنظام الذي يحقق مصلحة المواطن والزائر على حد سواء".
وأشار بدحي إلى التحضيرات الفنية للمشروع، قائلاً: "لقد وضعنا إشارات واضحة تحدد أماكن الوقوف وفق القوانين المساعدة، واستخدمنا أنظمة مثل بانجو أو سيلو بارك لتفعيل ركن السيارات. كما أعددنا البنية التحتية، ودهنا الأرصفة باللونين الأزرق والأبيض للأماكن المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة، ونشرنا التعليمات على موقع البلدية الإلكتروني، ومنحنا فترة تحذير لمدة شهرين قبل البدء في إصدار المخالفات".
وأنهى بدحي حديثه بالقول: "من أبرز مميزات مدينة كفر قرع التزامها بالنظافة والحفاظ على الحيز العام، وهو بفضل وعي المواطنين وشباب المدينة الذين أسسوا لثقافة مجتمعية إيجابية".