جهاز نووي مفقود منذ 60 عامًا يثير مخاوف بيئية واسعة: مهمة سرّية للـCIA ما زالت تهدّد ملايين البشر

منذ ذلك الحين، لم يُعثر على الجهاز، ولا يُعرف مصيره أو موقعه الدقيق. ومع مرور السنوات، تصاعدت المخاوف في الهند من احتمال تسرّب المواد المشعّة إلى الأنهار الجليدية، ومن ثم إلى نهر الغانغ، أحد أهم مصادر المياه والحياة لمئات الملايين من البشر في شبه القارة الهندية 

كشفت تقارير صحفية حديثة أن جهازًا نوويًا فقدته وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) قبل نحو ستة عقود، لا يزال يثير قلقًا متزايدًا في الهند، وسط مخاوف من تسرّب مواد مشعّة قد تهدّد مصادر المياه التي يعتمد عليها مئات الملايين من السكان. وتعود القصة إلى عام 1965، في ذروة الحرب الباردة، حين أرسلت الـCIA فريقًا سريًا من المتخصصين في التسلق إلى قمة جبل ناندا ديفي، أحد أعلى وأعزل الجبال في العالم، المطلّ على مساحات شاسعة من الأراضي الصينية. وهدفت المهمة إلى زرع جهاز تجسس يعمل بالطاقة النووية لمراقبة التجارب النووية الصينية، بعد فترة وجيزة من امتلاك بكين سلاحًا نوويًا. غير أن الظروف الجوية القاسية قلبت مجرى العملية. فقد واجه الفريق عاصفة شديدة هددت حياتهم، ما دفع قائد المهمة إلى اتخاذ قرار بترك المعدات قرب قمة الجبل، بما في ذلك جهاز نووي يحتوي على كمية من البلوتونيوم تُقدّر بنحو ثلث ما استُخدم في القنبلة الذرية التي أُلقيت على ناغازاكي. ومنذ ذلك الحين، لم يُعثر على الجهاز، ولا يُعرف مصيره أو موقعه الدقيق. ومع مرور السنوات، تصاعدت المخاوف في الهند من احتمال تسرّب المواد المشعّة إلى الأنهار الجليدية، ومن ثم إلى نهر الغانغ، أحد أهم مصادر المياه والحياة لمئات الملايين من البشر في شبه القارة الهندية. صحيفة نيويورك تايمس أعادت فتح الملف نهاية الأسبوع، كاشفة وثائق جديدة، وأجرت مقابلة مع آخر متسلّق من أفراد المهمة لا يزال على قيد الحياة، الأميركي جيم مكارثي، الذي قال:“لن أنسى أبدًا اللحظة التي قرر فيها قائد المهمة ترك الجهاز هناك. شعرت حينها أن الأمر سينتهي بكارثة. قلت له إن ذلك خطأ فادح، لكن القرار اتُّخذ”.
ورغم انكشاف القضية منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي، لا تزال الحكومة الأميركية، بحسب التقرير، ترفض الإقرار الرسمي الكامل بحدوثها. وذكرت الصحيفة أن التكتّم شمل مسؤولين رفيعي المستوى، بل وحتى رؤساء، من بينهم جيمي كارتر، ضمن تنسيق غير معلن مع السلطات الهندية للحفاظ على سرية العملية.
وفي ظل استمرار الغموض، تبقى الأسئلة معلّقة حول مكان الجهاز النووي المفقود، وحجم الخطر البيئي المحتمل، وما إذا كانت آثار قرار اتُّخذ قبل 60 عامًا قد تتحوّل إلى تهديد فعلي لأحد أكبر الأحواض المائية في العالم.