مَن يتابع الموضة هذا الصّيف، في شوارع المدن، على واجهات المتاجر أو عبر شبكات التواصل، سيلاحظ حضورًا طاغيًا للّون الزهري؛ الذي عاد إلى الواجهة ليس كلون موسميٍّ عابر، بل كمرآة لتحوّل في المزاج العام، يعكس بدوره حاجة نفسيّة واجتماعيّة أعمق.
في زمنِ مُثقل بالأزمات والضغوط، بات هذا اللون يقدَّم كوسيلة بصرية للهروب من الثقل اليومي؛ لم يعد يرتبط بصورة نمطيّة عن الأنوثة ولا يُقرأ كلون طفولي أو مفرط في الرّقة، بل صار خيارًا واعيًا يحمل في طيّاته رموزًا عاطفيّة عن التعافي والعودة إلى الذات، والبحث عن لحظات فرح بسيطة وسط الضجيج العام.
ويظهر اللون في صيف 2025، سواءً في العلامات التجارية الكبرى أو في الموضة اليوميّة، ضمن تصاميم تتّسم بالبساطة والمرونة والراحة البصرية؛ في قمصان حريريّة أو قطع بأقمشة شفافة مثل الشيفون والأورغنزا، ويُدمج مع الأبيض والبيج، كبديل للألوان الحيادية التقليدية. لا طغيان للّون الفاقع، بل درجة هادئة يسهل تنسيقها ضمن الإطلالات اليومية.
وترتبط رمزيّة الزهري الجديدة، وفق تحليلات الموضة والثقافة البصرية في العامين الأخيرين، بما يُعرَف بـ "ثقافة ما بعد الأزمات": توجّه جماعي نحو ألوان تبعث على الطمأنينة والبساطة، بعيدًا عن المبالغة والصرخات البصرية. فاللون، بصيغته الحالية، ليس استعراضًا ولا لفتًا للأنظار، بل رمزًا لأنوثة ناعمة غير مصطنعة، ولحضور واضح من دون الحاجة لـ "دراما لونيّة". وكأنّه تصريحٌ شخصي بالتّصالح والهدوء.
واللافت، أنّ هذا الاتّجاه لم يبقَ حكرًا على الموضة النسائية، بل بدأ يمتدّ تدريجيًا إلى مجالات مثل الديكور، مستحضرات التجميل وحتى بعض تصاميم الأزياء الرجالية؛ كجزء من توجّع أوسع للخروج من الألوان الثقيلة والداكنة، نحو خيارات لونيّة أكثر إنسانية وطبيعيّة.