كشفت صحيفة وول ستريت جورنال أن ضباطًا كبارًا ومسؤولين سياسيين في إسرائيل دعوا في الأسابيع الأخيرة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى تبني صفقة لوقف إطلاق نار مؤقت مع حركة حماس، بدلاً من المضي في خطة توسيع العمليات العسكرية واحتلال مدينة غزة.
وبحسب التقرير، فقد شهدت جلسة مطولة للمجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية ـ السياسية الأحد الماضي جدالًا حادًا، حيث حذر رئيس الأركان إيال زمير من أن العملية قد تجر إسرائيل إلى فرض حكم عسكري مباشر في قطاع غزة. كما أعرب كل من رئيس جهاز "الموساد" دادي برنيع ووزير الخارجية جدعون ساعر عن تحفظهما على خطة التوغل الكامل، مشددين على ضرورة استغلال الفرصة للتوصل إلى صفقة جزئية تتيح تحرير بعض المحتجزين في غزة.
شرخ بين نتنياهو والمؤسسة الأمنية
الخلاف يعكس الشرخ المتزايد بين نتنياهو وقيادات أمنية إسرائيلية حول أهداف الحرب وطرق إدارتها ومستقبل القطاع وفقا لصحيفة يديعوت أحرونوت. فقد كرر نتنياهو رفضه لأي صفقة لا تحقق "الاستسلام الكامل" لحماس، مؤكدًا أن شروط إنهاء الحرب تتمثل في إعادة جميع المحتجزين، نزع سلاح الحركة، ونقل إدارة القطاع إلى طرف ثالث، مع بقاء إسرائيل مسؤولة أمنيًا.
من جانبهم، حذّر معارضو خطة احتلال غزة من أن استمرار العمليات قد يثقل كاهل إسرائيل سياسيًا ودبلوماسيًا واقتصاديًا، في ظل ازدياد الانتقادات الدولية على خلفية ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين.
مسؤولون مطلعون على النقاشات قالوا إن الثلاثة – رئيس الموساد، وزير الخارجية، ورئيس الأركان – يعتقدون أنه يجب استغلال الفرصة لدفع صفقة جزئية تنقذ أرواحاً وتتيح إعادة محتجزين الآن، بدلاً من مواصلة عملية قد تتعقّد وتثقل على إسرائيل في الجوانب السياسية، القانونية والاقتصادية.
ثمن دبلوماسي باهظ
ساعر، بحسب مقرّبيه، حذّر من الثمن الدبلوماسي لمواصلة الحملة، بينما تزداد الانتقادات الدولية على إسرائيل في ضوء عدد القتلى المدنيين في غزة. وأكد أنه "يجب إنقاذ المحتجزين ما دام ذلك ممكناً"، حتى بثمن وقف العملية العسكرية.
في المقابل، يواصل نتنياهو التمسك بالخط المتشدد. مكتبه رفض تصريحات حماس عن استعداد لصفقة باعتبارها "خدعة" إضافية، وأوضح أن شرط إنهاء الحرب هو الاستسلام الكامل للتنظيم – إعادة جميع المحتجزين، نزع السلاح، ونقل السيطرة المدنية في غزة لجهة ثالثة، بينما تحتفظ إسرائيل بالمسؤولية الأمنية. حتى الآن لم تُسلَّم استجابة إسرائيلية واضحة للوسطاء بشأن مقترح وقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً الموضوع على الطاولة.
وبحسب وزراء كبار، ففي الكابنيت الذي عُقد يوم الأحد، حرص رئيس الأركان على التوضيح مراراً أنه حتى لو لم يوافق، فإن الجيش الإسرائيلي نفّذ وسينفذ بتفوق تعليمات المستوى السياسي.
"زامير يخشى الحكم العسكري"
في قيادة الجيش الإسرائيلي يخشون أن الكابنيت يقود فعلياً إلى وضع يدير فيه الجيش غزة. "رئيس الأركان يخشى من حكم عسكري"، قال مصدران يوم الاثنين. "هو يفهم أنه إذا لم تنه مدينة غزة حماس، فإن القوات ستواصل إلى المخيمات المركزية، وقد قال ذلك أيضاً في الكابنيت. في هذه الحالة سيكون هناك فراغ وسيضطر الجيش لإدارة السكان – لكن رئيس الحكومة يأمل أن مدينة غزة ستسقط حماس".
في غضون ذلك، استدعت إسرائيل مؤخرًا أكبر دفعة من قوات الاحتياط منذ اندلاع الحرب، تحضيرًا لعملية عسكرية واسعة تحت اسم "مركبات جدعون ب"، في وقت تتزايد فيه المخاوف داخل الجيش من أن تؤدي خيارات نتنياهو إلى إدارة عسكرية طويلة الأمد في غزة.