ما زالت مدينة يافا تشهد حالة من التوتر، في أعقاب موجة اعتقالات طالت قياديين وناشطين من المدينة، على خلفية الاحتجاجات التي اندلعت بعد الاعتداء العنصري على سيدة عربية حامل وعائلتها.
وأطلقت الشرطة سراح نحو 15 معتقلًا، من بينهم رئيس الهيئة الإسلامية في يافا عبد القادر أبو شحادة، بعد أن قررت المحكمة الإفراج عنهم لعدم وجود أدلة.
وفي تطور لاحق، أعلنت الشرطة اعتقال ثلاثة مشتبهين يهود على خلفية الاعتداء، وهو ما دفع أهالي يافا إلى تنظيم وقفات احتجاجية واسعة خلال الأيام الأخيرة، رفضًا لما وصفوه بتقاعس الشرطة في التعامل مع الاعتداءات العنصرية.
انتقاد لأداء البلدية: بيان متأخر ورواية غير دقيقة
في حديث لـ راديو الناس، قال المحامي أمير بدران، عضو بلدية تل أبيب–يافا، إن موقف بلدية تل أبيب–يافا جاء متأخرًا ولم يعكس حقيقة ما جرى على الأرض.
وأوضح بدران:"البيان الذي صدر عن رئيس البلدية كان إيجابيًا من حيث المضمون، لكنه جاء متأخرًا جدًا، والأسوأ أنه لم يتبنَّ الرواية الحقيقية للحادث. في البداية جرى التعامل مع الاعتداء وكأنه خلاف مروري، بينما كان واضحًا من الشكاوى المقدمة أن الاعتداء كان ذا خلفية عنصرية".
اعتقالات سياسية هدفها التخويف
ووصف بدران حملة الاعتقالات التي طالت نشطاء وقيادات من يافا بأنها اعتقالات سياسية بامتياز، تهدف إلى ردع المجتمع المحلي وترهيبه.
وقال:"بعد أن قررت المحكمة الإفراج عن 14 معتقلًا لعدم وجود أي أدلة ضدهم، واصلت الشرطة الاعتقالات. هذا تصرف غير قانوني وغير أخلاقي، هدفه تخويف القيادات المحلية وإرسال رسالة تهديد للمجتمع بأسره".
وأضاف:"الشرطة لا تتعامل معنا كمواطنين، بل كأعداء. بدلًا من اعتقال المعتدين الذين هاجموا امرأة حامل في شهرها التاسع وأطفالها بألفاظ بذيئة واعتداء جسدي، جرى اعتقال القيادات المحلية".
صمود أهالي يافا ووحدة الصف
وأكد بدران أن ما حال دون انفلات الأوضاع هو وحدة أهالي يافا وتكاتفهم، مشددًا على فخره بالمجتمع اليافي.
وقال:"أهالي يافا أثبتوا مرة أخرى قدرتهم على التكاتل والوقوف صفًا واحدًا لصدّ الهجوم العنصري وردع أي محاولة اعتداء مستقبلية. أنا فخور بالمجتمع اليافي الذي أمثله اليوم في المجلس البلدي، رغم كوني العضو العربي الوحيد بين 31 عضوًا".
دور رئيس البلدية والحياة المشتركة
وأشار بدران إلى أن لرئيس بلدية تل أبيب–يافا دورًا محوريًا في الحفاظ على النسيج المشترك في المدينة، معتبرًا أن المسؤولية الأساسية تقع عليه في هذه المرحلة.
وأوضح:"المجلس البلدي يجتمع مرة واحدة في الشهر، ولا يمكن التعويل عليه كثيرًا. الموقف الحقيقي والمؤثر هو موقف رئيس البلدية نفسه، ودوره في ضبط تصرفات الشرطة والحفاظ على الحياة المشتركة في يافا".
لجنة الحراسة المشتركة: أنقذت الموقف
وفي أبرز تصريحاته، شدد بدران على أهمية لجنة الحراسة المشتركة العربية–اليهودية، التي جرى تشكيلها بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، معتبرًا أنها لعبت دورًا حاسمًا في منع التصعيد.
وقال: "في يافا قمنا بتشكيل لجنة حراسة مشتركة عربية–يهودية بعد السابع من أكتوبر 2023، وهذه اللجنة أنقذت الموقف في لحظات حرجة، وحالت دون تدهور الأوضاع إلى صدامات خطيرة".
وأضاف:"نحن حريصون على الشراكة العربية–اليهودية الحقيقية، شراكة مع يهود ديمقراطيين يؤمنون بالمساواة والعيش المشترك، وليس مع مجموعات متطرفة تأتي لتغيير طابع المدينة وتهديد سكانها الأصليين".
دعوة لاعتقال المعتدين وتهدئة الشارع
وختم بدران حديثه بالتأكيد على أن تهدئة الشارع اليافي لن تتحقق إلا عبر محاسبة المعتدين.
وقال:"رأيت بنفسي أحد المعتقلين الثلاثة في مركز الشرطة، وآمل أن تؤدي هذه الاعتقالات إلى تقديم لوائح اتهام خطيرة وإبقائهم قيد الاعتقال. هذا وحده كفيل بإعادة الهدوء إلى الشارع اليافي".

