يواجه مزارعو الزيتون في اليونان أزمة غير مسبوقة بسبب التغيرات المناخية التي قلبت موازين موسم الحصاد، وأدت إلى تراجع الإنتاج وارتفاع معدلات السرقة، وسط مخاوف من انهيار قطاع يعتبر من أعمدة الهوية والاقتصاد اليوناني.
ارتفاع درجات الحرارة يهدد الإنتاج
رغم أن أشجار الزيتون عُرفت بقدرتها على الصمود في المناخ الجاف منذ آلاف السنين، إلا أن المزارعين في اليونان، إلى جانب نظرائهم في إيطاليا وإسبانيا، باتوا يواجهون مواسم جفاف وحرائق غير مسبوقة. وبحسب "يوروستات"، تضررت اليونان من التغير المناخي أكثر من غيرها، بخسائر تُقدر بنحو 400 يورو للفرد عام 2023، فيما أحرقت الحرائق أكثر من 11 ألف دونم من بساتين الزيتون.
وأوضح ميخائيل أنطونوبولوس، رئيس تعاونية زيت الزيتون في كالاماتا، أن الإنتاج تراجع بشكل حاد العام الماضي، ما دفع بعض المزارعين إلى العزوف عن الحصاد بالكامل، وقال: "لا نملك الأدوات لمحاربة هذه الكارثة".
ازدياد السرقات في ظل تراجع المحاصيل
مع ندرة الزيتون وارتفاع أسعاره عالميًا، ظهرت سرقات بأشكال غير مألوفة في أرجاء البلاد. ففي كريت، اقتحم لصوص منزل أحد السكان وسرقوا 400 رطل من زيتونه الشخصي، بينما لجأ آخرون إلى قطع الأشجار وسرقة الأغصان المثمرة فقط. في كالاماتا، اختفت أكياس الزيتون من الحقول قبل وصول أصحابها، بل ووصل الأمر إلى سرقة زيت الزيتون من المقابر.
وفي حادثة لافتة، سُرقت 37 طنًا من زيت الزيتون في خزان من معصرة بشمال اليونان، تُقدر قيمتها بـ300 ألف دولار. بينما في أثينا وضواحيها، أفاد مزارعون عن اقتلاع أشجارهم ليلاً. بعضهم لجأ إلى تركيب كاميرات ومراقبة مسلحة، لكن آخرين انسحبوا من الزراعة تمامًا.
قطاع بأكمله في مهب الريح
يمثل زيت الزيتون 25% من القطاع الزراعي في اليونان، و7% من ناتجها المحلي الإجمالي. لكن صغار المزارعين باتوا يعانون من ارتفاع تكاليف الري والمبيدات، وفقدان الأيدي العاملة الموسمية، فيما فشلت برامج حكومية لتسهيل دخول العمال الأجانب.
وأشار بروفيسور بروكوبيوس ماغياتيس من جامعة أثينا إلى أن الاضطرابات المناخية، خاصة دفء الشتاء، تضر بدورة حياة الشجرة وتضعف خصوبتها. وفي مناطق مثل إيفيا، تُركت الحقول دون رعاية بعد حرائق 2021، وتحولت إلى غابات غير مثمرة.
رغم تحسن نسبي هذا العام بوصول الإنتاج إلى 250 ألف طن، فإن المخاوف من المستقبل لا تزال حاضرة. فكما قال أحد المزارعين في لاكونيا: "لم يعد أيار كما كان".