الحكومة تتفرج على مجزرة الطرق: 439 قتيلاً وميزانيات مفقودة

تشهد إسرائيل ارتفاعًا غير مسبوق في ضحايا حوادث الطرق وسط انهيار مؤسساتي وصمت حكومي، رغم التقارير المحذرة. السلطة الوطنية للسلامة فقدت صلاحياتها وميزانياتها، بينما يُتهم الوزراء بعدم تحمل مسؤولياتهم تجاه الأرواح المهدورة

راديو الناس|
3 عرض المعرض
حادث مروع قرب المغار
حادث مروع قرب المغار
حادث مروع قرب المغار
(نجمة داوود الحمراء)
تكشف المعطيات الرسمية أن عدد ضحايا حوادث الطرق في إسرائيل بلغ العام الماضي 439 قتيلاً، فيما يشير عام 2025 إلى اتجاه أكثر دموية، مع تسجيل 151 قتيلاً حتى نهاية نيسان/أبريل، وسط صمت حكومي وغياب تام للخطط الجدية، رغم التقارير التي تحذر من الانهيار المتواصل في منظومة السلامة على الطرق.
تكلفة باهظة وأجسام حكومية بلا أنياب
أعلنت السلطة الوطنية للسلامة على الطرق أن التكلفة الاقتصادية لحوادث السير في 2024 تجاوزت 19.6 مليار شيكل، أي نحو 1% من الناتج المحلي الإجمالي. رغم هذه الأرقام الصادمة، لم تُعقد حتى الآن اللجنة الوزارية التي أعلنت عن تشكيلها وزيرة النقل ميري ريغيف قبل أكثر من ستة أشهر، ما يعكس الشلل المؤسسي الذي تعاني منه آليات المواجهة. ويرى رئيس السلطة، يورام هاليفي، أن هذا "ناقوس خطر ونداء استيقاظ لصناع القرار"، إلا أن صلاحيته محدودة جداً.
السلطة الوطنية للسلامة على الطرق - من هيئة مستقلة إلى كيان مفرغ
تشير شهادات مسؤولين سابقين نشرتها صحيفة ذي ماركر إلى تفكيك منهجي للسلطة الوطنية للسلامة على الطرق، عبر تقليص الميزانيات من 550 مليون شيكل إلى 60 مليوناً فقط، وتقليص صلاحياتها إلى الحد الذي أفقدها أي تأثير حقيقي. وتكشف إفادات رئيسها السابق، أفي ناؤور، عن تهميش ممنهج من قبل الوزيرة ريغيف، معتبراً أن "من يملك القدرة على إنقاذ الأرواح ويمتنع عن ذلك، يتحمل دماء القتلى على يديه"، موجهاً الاتهام بشكل مباشر لها وللمفتش العام للشرطة ووزير الأمن القومي.
خطة بمليار شيكل دفنت
خلال فترة الوزيرة السابقة ميراف ميخائيلي، أُعدّت خطة طموحة بقيمة مليار شيكل لخفض عدد القتلى بنسبة 50% حتى 2027، لكنها لم تُقر بسبب تحول الحكومة إلى حالة انتقالية. ومع دخول ريغيف إلى المنصب، تم تجاهل الخطة بالكامل.
3 عرض المعرض
إعلان للسلطة الوطنية للأمان على الطرق
إعلان للسلطة الوطنية للأمان على الطرق
إعلان للسلطة الوطنية للأمان على الطرق
(راديو الناس)
غياب الردع وتفكك المنظومة
أوضح أرز كيتا، المدير السابق للسلطة الوطنية للأمان على الطرق أن الانهيار في الأداء يعود إلى ازدواجية داخلية وفشل في التنسيق بين الوزارات، إلى جانب التخلي الطوعي عن ميزانيات مهمة. كما طُرد الناطق السابق باسم السلطة الوطنية للأمان على الطرق لمجرد نشره بياناً صحفياً حول عدد القتلى، ما يعكس الخضوع الكامل للخطاب الرسمي الصامت. وفي السياق ذاته، يؤكد د. يعقوب شينين، خبير اقتصادي ومستشار حكومي سابق، أن "تكلفة الأرواح المهدورة سنوياً تقارب 21 مليار شيكل"، وهو مبلغ كان يمكن خفضه بخطة جدية بميزانية لا تتجاوز 550 مليون شيكل.
الشرطة ضعيفة والرقابة غائبة
تُسجل الشرطة ضعفاً واضحاً في إنفاذ القانون على الطرقات، إذ لا توجد سوى دورية واحدة لكل 180 كلم مقارنة بواحدة كل 10 كلم في دول الـOECD. وفي بعض مراكز الشرطة لا يوجد أكثر من شرطي مرور واحد، بينما تشير البيانات إلى أن 80% من المخالفات عام 2024 كانت نتيجة لضبط يدوي، وهي طريقة محدودة التأثير مقارنة بالأنظمة الذكية المعطلة أو غير الدقيقة.
3 عرض المعرض
شرطة إسرائيل - صورة عامة
شرطة إسرائيل - صورة عامة
شرطة إسرائيل - صورة عامة
(تصوير: الشرطة)
"لا قدسية للحياة بعد الآن"
في ختام سلسلة الشهادات، يخلص أفي ناؤورإلى أن السبب الجذري يكمن في غياب المسؤولية السياسية والقيم الأخلاقية، قائلاً: "إذا كانت قدسية الحياة يوماً ما قيمة عليا في اليهودية، فإنها اليوم غائبة تماماً".