بعد مرور عام ونصف على اندلاع الحرب في غزة، اعتبر الجنرال المتقاعد غيورا آيلاند أن إسرائيل فشلت في الحرب بشكل واضح، رغم عدم ارتباط ذلك بأحداث السابع من تشرين الأول/أكتوبر فقط.
وفي مقال تحليلي نشره في موقع "واللا"، أوضح آيلاند أن هناك ثلاثة معايير أساسية يمكن من خلالها تقييم نجاح أي حرب، وجميعها تشير إلى إخفاق إسرائيلي، متجاهلاً التصريحات الرسمية التي وصفها بأنها "دائمًا تجميلية ومضللة".
المعيار الأول: الأهداف مقابل النتائج
وبحسب آيلاند، فإن الحرب انطلقت لتحقيق أربعة أهداف مركزية هي إسقاط حكم حماس، إزالة التهديد العسكري من غزة، إعادة سكان غلاف غزة لمنازلهم بأمان واستعادة جميع المحتجزين.
وأوضح أن الإنجاز الوحيد الذي تحقق جزئيًا هو استعادة بعض المحتجزين، إلا أن وجود 59 محتجزا في غزة، من بينهم أكثر من 20 على قيد الحياة، يجعل هذا الإنجاز بعيدًا عن أن يُعتبر نجاحًا.
المعيار الثاني: فرض الإرادة
ويوضح آيلاند أن الهدف من أي حرب هو فرض الإرادة على الطرف الآخر، كما حدث بنهاية الحربين العالميتين الأولى والثانية. لكن، بحسبه، فإن الاتفاق الذي أُبرم في 19 كانون الثاني/يناير 2025 بين إسرائيل وحماس، كشف العكس تمامًا.
ففي حين استعادت إسرائيل 33 محتجزا (منهم 25 على قيد الحياة)، اضطرت بالمقابل للإفراج عن مئات الأسرى الفلسطينيين، وزيادة حجم الإمدادات إلى غزة ثلاثة أضعاف، ما يعني دفع المزيد من الأموال حسب وصفه، والانسحاب من "محور نتساريم"، والسماح بدخول بيوت متنقلة ومعدات هندسية ثقيلة لإعادة الإعمار.
"بهذا المعنى، فإن حماس هي من فرض شروطه، لا العكس"، أوضح آيلاند.
المعيار الثالث: القدرة على التعافي
يرى آيلاند أن من المبكر تقييم معيار التعافي من الحرب، طالما أنها ما زالت مستمرة، لكنه شدد على أن المعيارين الأولين يكفيان لإثبات فشل إسرائيل.
أسباب الفشل الإسرائيلي: 3 عوامل رئيسية
في تفسيره لأسباب الفشل، يشير آيلاند إلى ثلاث نقاط مركزية، ويوضح أن العامل الأول هو تبني سردية خاطئة، حيث سارع رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، لتشبيه حماس بداعش، ما دفع الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لتبني رواية أن إسرائيل لا تزال "قوة احتلال" في غزة رغم الانسحاب عام 2005، وبالتالي فهي مسؤولة عن سكان القطاع.
لكن آيلاند يرى أن غزة باتت بحكم الأمر الواقع "دولة مستقلة" منذ 2007، تقودها سلطة رسمية، لذا فإن ما جرى في 7 أكتوبر/تشرين الأول هو "إعلان حرب من دولة غزة ضد إسرائيل"، على حد قوله.
أما العامل الثاني، فهو غياب التقدير الاستراتيجي في الساعات الأولى، ووفقا لآيلاند، فقد أخفقت القيادة السياسية والعسكرية في إجراء تقدير موقف جدي مساء السابع من أكتوبر، ولو فعلت لأدركت أن الضغط العسكري وحده لا يكفي، بل كان يجب اعتماد ثلاث وسائل ضغط هي حصار اقتصادي شامل، تشجيع بدائل سياسية لحكم حماس، والسيطرة على أراضٍ داخل غزة.
أما العامل الثالث فهو الاعتماد الأعمى على الضغط العسكري، ويرى آيلاند أن الاعتماد المفرط على شعار "الضغط العسكري وحده يكفي لتحقيق الأهداف" كان خطأ جسيمًا، دون إدراك لطبيعة الحروب الحديثة في القرن الـ21، ودون عملية تفكير استراتيجية جدية.
واختتم آيلاند مقاله بالإشارة إلى أن الإخفاق في تحقيق إنجازات حقيقية في الحرب، رغم كونها حربًا "مبادرة" من قبل إسرائيل بعد يوم من السابع من أكتوبر، يعود إلى مزيج من الجهل بطبيعة الحروب الحديثة، والانجرار وراء العاطفة بدل التخطيط العقلاني.