تتجه أوروبا نحو تعزيز مظلتها الدفاعية المشتركة في ظلّ تصاعد التهديدات الروسية، ومعها يتزايد الاعتماد على التكنولوجيا الإسرائيلية التي أثبتت فاعليتها الميدانية خلال الحرب الأخيرة على غزة والهجوم الإيراني في نيسان الماضي، ما يجعل دعوات مقاطعة الصناعات العسكرية الإسرائيلية تبدو مؤقتة أمام ضغط الواقع الأمني.
إسرائيل تتحول إلى مختبر للأنظمة الدفاعية
خلال الأشهر الأخيرة، تحوّلت إسرائيل إلى ساحة اختبار مفتوحة لأنظمة اعتراض الصواريخ والطائرات المسيّرة، أبرزها منظومات "حيتس 3" و"مقلاع داوود" و"سبايدر"، التي نجحت في اعتراض مئات المقذوفات الإيرانية. وأكدت مصادر عسكرية غربية أن بيانات الاعتراض تلك أصبحت مرجعاً ميدانياً لصناع القرار في أوروبا، الباحثين عن أنظمة مجرّبة وذات موثوقية عالية.
أوروبا توسّع المشتريات رغم المقاطعة
رغم تصاعد الأصوات الأوروبية المطالبة بتجميد التعاون العسكري مع إسرائيل، شهدت القارة طفرة في العقود الدفاعية معها. فقد وقّعت ألمانيا أكبر صفقة في تاريخها لشراء منظومة "حيتس 3" بقيمة 3.5 مليار دولار، فيما تبنّت فنلندا نظام "مقلاع داوود"، واشترت تشيكيا ورومانيا منظومات "سبايدر" للدفاع الجوي.
مخاوف من الفجوة الأمنية أمام روسيا
هذا الانفتاح لا ينفصل عن الخوف المتزايد من روسيا بعد حرب أوكرانيا، وعن إدراك الأوروبيين لحاجتهم إلى مظلة موحدة ضمن مشروع "الدرع السماوية الأوروبية" (ESSI) بقيادة ألمانيا، التي تضم أكثر من 20 دولة. ومع محدودية البدائل، تجد أوروبا نفسها أمام خيار عملي: تعزيز أمنها عبر تقنيات إسرائيلية مجرّبة، رغم الكلفة السياسية لذلك.
سوق السلاح بين البراغماتية والأيديولوجيا
محاولات بعض الدول، مثل إسبانيا وهولندا، فرض قيود على تصدير السلاح لإسرائيل لم تغيّر مسار السوق الأوروبية، التي تتعامل مع الملف الدفاعي من منظور وظيفي لا أخلاقي. ويؤكد خبراء أن أوروبا، كغيرها من القوى، تميل إلى شراء الأنظمة التي أثبتت فعاليتها في الميدان، سواء كانت أميركية أو إسرائيلية أو حتى كورية وتركية، ما قد يجعل “نبذ إسرائيل” شعاراً قصير العمر أمام منطق الردع والتسلّح.



