حذّر مدير إدارة التخطيط في سلطة المياه الإسرائيلية، ليئور ليفشيتس، من أن البلاد تمر حاليًا بواحدة من أسوأ موجات الجفاف منذ قرن، معتبراً أن الوضع في شمال إسرائيل، وخاصة منابع نهر بانياس، بلغ مستويات حرجة، حيث يكاد النهر أن يجف تمامًا.
وقال ليفشيتس في تصريحات صحفية: "من وجهة نظر سلطة المياه، نحن نعيش عامًا من الجفاف غير المسبوق منذ مئة عام، وهذا ليس شعورًا، بل استناد إلى معطيات دقيقة". وأشار إلى أن وزارة المالية الإسرائيلية هي الجهة المخولة بإعلان "حالة الجفاف" رسميًا من الناحية الاقتصادية والزراعية.
استهلاك زراعي ضخم ومياه جوفية آخذة في التراجع
ويبلغ استهلاك الزراعة الإسرائيلية سنويًا نحو 1.2 مليار متر مكعب من المياه، تشمل المياه العذبة والمياه العادمة المعالجة والمياه المالحة. ومع تزايد عدد السكان، يتزايد الطلب على المياه، في حين أن معدلات الهطول المطري لا تواكب هذا النمو، بل تشهد انخفاضًا تدريجيًا.
تخفيضات مرتقبة في حصة المزارعين
أوضح ليفشيتس أن الاستجابة لهذا الواقع تكمن في إقامة مزيد من محطات تحلية المياه، خاصة وأن الزراعة تعد أكبر مستهلك للمياه في البلاد. وأشار إلى أن بعض مزارعي مرتفعات الجولان غير المتصلين بشبكة المياه عانوا بالفعل هذا العام من تقليص في كميات المياه، وقد يشمل التخفيض العام المقبل مزارعين في باقي أنحاء البلاد.
وأضاف: "بدأنا بالفعل بوقف زراعة المحاصيل الحقلية في مناطق مثل الجليل الأعلى وشمال الجولان، لصالح تخصيص المياه للبساتين التي يجب الحفاظ عليها. أما المحاصيل الحقلية فسنضطر إلى اقتلاعها على أمل أن نتمكن من زراعتها العام المقبل".
ولفت ليبشيتس إلى أن شركة "مكوروت" كانت قد حذرت قبل سنوات من الحاجة إلى ربط الجليل الأعلى وشمال الجولان بالشبكة الوطنية للمياه، لكن المشروع تأخر، كما تعثرت خطط إقامة محطة تحلية في "وادي الخضيرة". في المقابل، يوجد حاليًا ست محطات تحلية رئيسية في البلاد (حيفا، عسقلان، أشدود، اثنتان في شورك، ومحطة في بلماحيم على أرض خاصة).
وأوضح أن كل محطة تحلية تستهلك ما يعادل 0.5% من استهلاك الكهرباء الوطني، وهو ما يشكل تحديًا بيئيًا وطاقويًا كبيرًا. وأضاف أن محطة التحلية في الجليل الغربي من المتوقع أن تدخل الخدمة في عام 2027 بعد تأخير طويل بسبب معارضة محلية، رغم أنها ستخدم نفس المناطق التي عارضت إنشاءها.
اللجوء لشراء مياه محلاة بأسعار أعلى
بسبب شح الأمطار، قررت سلطة المياه زيادة كميات المياه التي تشتريها من محطات التحلية. وقال ليفشيتس: "نشتري أكثر لتعويض النقص. فعلى سبيل المثال، محطة تحلية أشدود تنتج حوالي 100 مليون متر مكعب سنويًا، ونحن نطلب شراء كميات إضافية رغم التكلفة المرتفعة بسبب أسعار الكهرباء".
رؤية بعيدة المدى واستعدادات حتى عام 2100
وأشار ليفشيتس إلى أن قطاع المياه في إسرائيل يعمل وفق رؤية بعيدة المدى، ويتم حاليًا التحضير لإنشاء محطة التحلية الثامنة، والتي يُتوقع أن تبدأ العمل بحلول عام 2032. كما يجري وضع سيناريوهات للتعامل مع انخفاض محتمل في معدل الأمطار بنسبة 12% بحلول عام 2050، وقد يكون الانخفاض أكثر حدة حتى عام 2100.
وقال إن الهدف هو الوصول إلى قدرة إنتاج 1.7 مليار متر مكعب من المياه المحلاة سنويًا بحلول 2050، مقارنة بـ 800 مليون متر مكعب حاليًا.
تهديدات أمنية وسيناريوهات خطيرة
على الرغم من التحديات المرتبطة بالجفاف، قال ليفشيتس إن السيناريو الأكثر خطورة بالنسبة لقطاع المياه هو وقوع زلزال كبير، وليس الحرب أو التوترات الأمنية مع إيران.
ومع ذلك، أشار إلى أن البنية التحتية للمياه تعرضت خلال الحرب الأخيرة مع إيران لعدة هجمات إلكترونية، لكن بفضل التنسيق مع الهيئة الوطنية للأمن السيبراني، تم التصدي لها دون أضرار.