قدّم أكثر من 260 موظفًا ومديرًا سابقًا في جهاز الأمن العام الإسرائيلي («الشاباك») رسالة مشتركة إلى لجنة جرونيس المعنية بالمصادقة على تعيينات كبار الموظفين في الخدمة المدنية، أعربوا فيها عن خشيتهم من أن يؤدي تعيين اللواء (احتياط) ديفيد زيني رئيسًا للجهاز إلى «إخلال جوهري بالتوازن بين احتياجات الأمن والحفاظ على القيم الديمقراطية» في إسرائيل. وركز الموقعون على تصريحات منسوبة إلى زيني بشأن النظام القضائي، معبّرين عن مخاوف من احتمال تعارض بين تعليمات القيادة السياسية وقرارات المحكمة العليا، وما قد ينجم عن ذلك من تقويض لسيادة القانون.
في هذا السياق، تعتزم المستشارة القانونية للحكومة غالي بهاراف-ميارا التوجّه إلى لجنة جرونيس، استجابةً لطلبات واردة من جهات عامة، لإبراز قضايا قانونية وإجرائية مرتبطة بترشيح زيني. وذكرت مصادر أن بهاراف-ميارا تنوي تسليط الضوء خصوصًا على جوانب تتعلق «بطهارة السلوك» و«نقاء إجراءات الاختيار»، لا سيما فيما يتصل بدور رئيس الحكومة في ترشيح المرشح وإمكانية وجود تعارض مصالح.
وتبدأ لجنة جرونيس، التي يرأسها القاضي المتقاعد آشر جرونيس، اجتماعاتها بعد غدٍ (الخميس) لمناقشة طلب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للمصادقة على تعيين زيني، فيما تتوقع جهات قضائية أن المستشارة لن تصدر توصية قاطعة بنعم أو لا، بل ستعرض سلسلة ملاحظات وقضايا تحتاج إلى توضيح، على ضوء احتمال تقديم طعون إلى المحكمة العليا إذا ما أُقِرّ التعيين.
تضارب مصالح
من بين النقاط التي تنوّي بهاراف-ميارا تناولها: شكوك محتملة بشأن تضارب مصالح ذات صلة بتأجيل إعلان تقاعد زيني وبدء إجراءات التعيين، وما إذا جرى إبلاغ رئيس الأركان أيال زامير بالصيغ والإجراءات المطلوبة. كما ستطلب المستشارة استيضاحًا حول سياق ترشيح زيني ووجود أي دوافع غير مهنية قد تكون أثّرت في قرار تقديمه للمنصب.
وثّق نصّ المذكرة كذلك مخاوف بشأن علاقة عائلية يبدو أنها قد تثير شبهة تضارب مصالح؛ إذ ذُكر أنّ شقيق المرشح يعمل لدى عائلة فاليك التي تربطها علاقات وثيقة بعائلة نتنياهو، ما قد يستدعي تحققًا من الجوانب ذات الصلة. كما نُبّه إلى خلفية استقالة رئيس الشاباك السابق رونن بار بعد أزمة حكومية وملف «قطر-غيت»، وإلى الحاجة للتأكد من أن المرشح لم يقم بتعهدات شخصية تمس باستقلالية الجهاز في قضايا حساسة.
مهمة لجنة جرونيس
وتعتمد لجنة جرونيس منذ تأسيسها على رأي المستشار القانوني للحكومة كجزء من تقييم «طهر السلوك» للمرشح، وتشمل مهمة اللجنة البحث فيما إذا كان المرشح قد واجه تحقيقات جنائية أو تأديبية قد تمنعه من شغل منصب حسّاس مثل رئاسة الشاباك. ونقل مصدر رسمي قولًا مفاده أن «رئيس الشاباك، بوصفه "حارسًا للبوابة"، ملزم بالعمل وفق قانون الشاباك وفتاوى المحكمة العليا وتعليمات المستشار القانوني للحكومة وتوجيهات الحكومة نفسها».
يُشار إلى أن اجتماعات اللجنة ستُعقد هذا الأسبوع في تشكيل ناقص، إذ لن تشارك ممثلة الحكومة، البروفيسورة تاليا أينهورن، في المناقشات بسبب ارتباطات عائلية؛ إذ يُحكى أن ابنها إسرائيل (شاروليك) أينهورن متورط في تحقيق «قطر-غيت»، وهو ما دفع اللجنة إلى مواصلة أعمالها في تشكيلة تضمّ رئيس اللجنة وآخرين من أعضاء الهيئة.
استنفار سياسي وقانوني واسع
في الأثناء، يأتي ذلك كله وسط استنفار سياسي وقانوني واسع: الموقعون من عناصر الشاباك السابقين حثّوا لجنة جرونيس على أخذ كلام المرشح وتاريخ تصريحاته بعين الاعتبار، فيما قال مسؤولون قضائيون إن أي قرار بالمصادقة سيتعرض لاحقًا لتمحيص أمام المحاكم في حال ظنه المتضررون أنه لا يلبي معايير «طهر السلوك» أو أن انتخابه تضمن خروقات إجرائية.