24 عامًا على 11 سبتمبر: لحظة مفصلية بين انهيار البرجين وصعود عالم جديد

الهجمات عمّقت الشرخ بين الغرب والعالم الإسلامي، إذ استُخدمت كذريعة لإعادة صياغة السياسات تجاه الشرق الأوسط، وتبرير تدخلات عسكرية ودبلوماسية متواصلة. في المقابل، برزت موجات من الإسلاموفوبيا في الغرب، وتعرضت الجاليات المسلمة والعربية هناك لضغوط وتمييز متزايد. 

1 عرض المعرض
11 سبتمبر
11 سبتمبر
11 سبتمبر
(.)
تحلّ اليوم الذكرى الرابعة والعشرون لهجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001، حين استهدفت أربع طائرات مدنية أميركية مختطفة رموز القوة الاقتصادية والعسكرية للولايات المتحدة. اصطدمت طائرتان ببرجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، بينما ضربت ثالثة مبنى البنتاغون، في حين تحطمت الطائرة الرابعة في ولاية بنسلفانيا بعد مقاومة الركاب للخاطفين. أسفرت هذه الهجمات عن مقتل ما يقارب ثلاثة آلاف شخص من جنسيات مختلفة، لتصبح أضخم عملية إرهابية في التاريخ الحديث.
24 عامًا على احداث 11 سبتمبر | د.فراس خطيب
غرفة الأخبار مع محمد أبو العز محاميد
06:23
الصدمة الأولى والارتباك العالمي عاش العالم في ذلك اليوم صدمة غير مسبوقة، إذ تابع مئات الملايين عبر شاشات التلفاز لحظة انهيار البرجين العملاقين في مشهد أصبح رمزًا لحقبة جديدة. الولايات المتحدة بدت لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية عرضة لهجوم بهذا الحجم على أراضيها، ما ولّد شعورًا بالضعف والخوف سرعان ما انعكس على سياساتها الداخلية والخارجية.
تداعيات استراتيجية وأمنية أطلقت إدارة الرئيس جورج بوش الابن "الحرب على الإرهاب"، فغزت أفغانستان لإسقاط حكم طالبان الذي وفر مأوى لتنظيم القاعدة، ثم غزت العراق عام 2003 بذريعة امتلاكه أسلحة دمار شامل. هذه الحروب أدت إلى تغييرات جيوسياسية هائلة، وولّدت أزمات إنسانية وصراعات لا تزال المنطقة والعالم يدفعان ثمنها حتى اليوم. كما تبنت الولايات المتحدة ومعظم دول العالم سياسات أمنية مشددة، تضمنت توسيع صلاحيات أجهزة الاستخبارات وفرض قيود على السفر والاتصالات والخصوصية.
انعكاسات على العلاقات الدولية الهجمات عمّقت الشرخ بين الغرب والعالم الإسلامي، إذ استُخدمت كذريعة لإعادة صياغة السياسات تجاه الشرق الأوسط، وتبرير تدخلات عسكرية ودبلوماسية متواصلة. في المقابل، برزت موجات من الإسلاموفوبيا في الغرب، وتعرضت الجاليات المسلمة والعربية هناك لضغوط وتمييز متزايد.
استحضار الذكرى في صراعات الحاضر
مع مرور الأعوام، لم تبق ذكرى 11 أيلول مجرد حدث تاريخي، بل تحوّلت إلى مرجعية سياسية. ففي العامين الأخيرين، شبّهت القيادة الإسرائيلية هجوم السابع من أكتوبر 2023 بالهجمات الأميركية، معتبرة أنّ إسرائيل تواجه "نسختها الخاصة من 11 أيلول". هذا التشبيه استُخدم في الخطاب السياسي الإسرائيلي لتبرير العمليات العسكرية المكثفة في غزة، والمطالبة بدعم دولي شبيه بالدعم الذي تلقته الولايات المتحدة في مطاردة منفذي هجمات القاعدة.
شهادات وتداعيات إنسانية بالنسبة لعائلات الضحايا الأميركيين، تبقى الذكرى مؤلمة تحمل معها صور الأحبة المفقودين. في كل عام تُقام مراسم في موقع البرجين المنهارين، حيث يُقرأ بصوت مسموع أسماء القتلى في لحظة صمت تخترقها أجراس الكنائس. هذه المراسم باتت طقسًا وطنيًا يعيد التذكير بمدى هشاشة الأمن الإنساني أمام الإرهاب والعنف.
ما بعد عقدين: دروس أم إعادة إنتاج المآسي؟ رغم مرور أكثر من عقدين، لا يزال الجدل قائمًا حول ما إذا كان العالم استفاد من دروس الهجمات. فبينما تمكّنت الولايات المتحدة من القضاء على زعيم القاعدة أسامة بن لادن عام 2011، فإن الحروب التي تلت 11 أيلول أطلقت موجات جديدة من التطرف وعدم الاستقرار. الباحثة الأميركية مونا يعقوبيان وصفت ذلك بقولها: "الهجمات ولّدت سلسلة من الأزمات التي لم تُحل حتى اليوم، بل تحولت إلى حلقات عنف جديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا وآسيا".
الذكرى التي تواصل تشكيل الحاضر إحياء ذكرى 11 أيلول لم يعد مجرد وقفة إنسانية على مأساة الماضي، بل بات أيضًا مرآة تعكس كيف أعادت تلك اللحظة رسم النظام العالمي، وكيف تستمر في التأثير على القرارات السياسية والعسكرية حتى اليوم. وبينما يضع الأميركيون الورود عند نصب "غراوند زيرو"، يبقى السؤال مفتوحًا: هل تحوّل العالم إلى مكان أكثر أمنًا بعد 11 أيلول – أم أن هذه اللحظة التاريخية أطلقت دورة جديدة من الصراعات لم تنته بعد؟ حجم الخسائر البشرية قُتل ما يقارب 2,977 شخصًا من أكثر من 90 جنسية. قُتل في نيويورك وحدها نحو 2,753 شخصًا، بينهم مئات من رجال الإطفاء والشرطة الذين هرعوا لإنقاذ العالقين. في البنتاغون، سقط 184 قتيلًا، بينما قضى 40 راكبًا في الطائرة التي سقطت في بنسلفانيا. أكثر من 6,000 جريح وناجون كثيرون يعانون حتى اليوم من أمراض تنفسية وسرطانات بسبب الغبار السام الذي خلّفه انهيار البرجين.

الخسائر الاقتصادية قدّرت الخسائر الاقتصادية المباشرة بنحو 100 مليار دولار، نتيجة تدمير مركز التجارة العالمي والمباني المحيطة به.
قطاع الطيران تكبّد خسائر فورية بلغت أكثر من 20 مليار دولار، بعد شلل تام لرحلات الطيران لعدة أيام.
أسواق المال الأميركية خسرت تريليونات الدولارات من قيمتها السوقية خلال الأسابيع الأولى.
تكاليف إعادة الإعمار وبرامج التعويضات الصحية والإنسانية تجاوزت 40 مليار دولار.