كشفت ستة مصادر مطّلعة لوكالة رويترز أنّ الولايات المتحدة تستعد لإقامة وجود عسكري في قاعدة جوية قرب العاصمة السورية دمشق، في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى تعزيز اتفاق أمني تعمل واشنطن على بلورته بين سوريا وإسرائيل.
ويمثّل هذا التحرك الأميركي ـ الذي يُكشف عنه لأول مرة ـ تحوّلًا كبيرًا في تموضع سوريا الاستراتيجي باتجاه الولايات المتحدة، بعد العام الذي شهد سقوط الرئيس السابق بشار الأسد وتغيّر موازين القوى في البلاد.
قاعدة حيوية في قلب ترتيبات "المنطقة المنزوعة السلاح"
تقع القاعدة على مداخل مناطق جنوبية يُرجَّح أن تشملها منطقة منزوعة السلاح يُتفاوض عليها حاليًا بين دمشق وتل أبيب بوساطة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وبحسب المصادر الستة ـ من بينهم مسؤولان غربيان ومسؤول في وزارة الدفاع السورية ـ تخطّط واشنطن لاستخدام القاعدة في مراقبة أي اتفاق محتمل بين الجانبين، في ظلّ غياب أي رد من الرئاسة السورية ووزارة الدفاع على استفسارات رويترز.
وقال مسؤول أميركي إن بلاده "تقيّم باستمرار وضع قواتها في سوريا لضمان فعالية عمليات مكافحة تنظيم داعش"، رافضًا تأكيد مواقع الانتشار لأسباب عملياتية. وطلب المسؤول عدم ذكر اسم القاعدة وموقعها، وهو ما التزمت به رويترز.
تحركات ميدانية متسارعة خلال الشهرين الماضيين
ووفق مسؤول عسكري غربي، سرّع البنتاغون خلال الشهرين الماضيين عمليات التقييم عبر تنفيذ رحلات استطلاع متعددة إلى القاعدة، ليتبيّن أن مدرجها الطويل جاهز للاستخدام الفوري.
وكشف مصدران عسكريان سوريان أن المحادثات الفنية ركّزت على تمكين الولايات المتحدة من استخدام القاعدة في الخدمات اللوجستية والمراقبة والتزوّد بالوقود والعمليات الإنسانية، مع تأكيد الجانب السوري على الاحتفاظ بـ"السيادة الكاملة" على المنشأة.
وقال مسؤول في وزارة الدفاع السورية إن طائرة أميركية من نوع C-130 هبطت في القاعدة لاختبار جاهزيتها، فيما أكّد أحد عناصر الحراسة أن هبوط الطائرات الأميركية يجري "ضمن اختبارات تشغيلية".
أبعاد سياسية رفيعة المستوى
وأفاد مصدر مطّلع بأن ملف القاعدة طُرح خلال زيارة قائد القيادة المركزية الأميركية (CENTCOM) الأدميرال براد كوبر إلى دمشق في 12 سبتمبر.
وقالت القيادة المركزية في بيان صدر آنذاك إن كوبر والمبعوث الأميركي إلى سوريا توماس باراك اجتمعا بالشرع، وشكراه على "مساهمته في محاربة التنظيم"، معتبرين أنّ ذلك قد يسهم في تحقيق "رؤية ترامب لمنطقة شرق أوسط مزدهرة وسوريا مستقرة ومتصالحة مع نفسها وجيرانها".
ولم يتطرق البيان مطلقًا إلى إسرائيل، رغم أن الملف يُعدّ محورًا أساسيًا في التحركات الجارية.
الخارجية السورية تنفي تقرير رويترز حول القواعد الأميركية
ونفى مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية، في تصريح لوكالة الأنباء الرسمية سانا، صحة ما نشرته وكالة رويترز بشأن وجود قواعد عسكرية أميركية جديدة داخل الأراضي السورية، مؤكدًا أن التقرير "عارٍ تمامًا عن الصحة".
وقال المصدر إن المرحلة الحالية تشهد تحوّلًا في الموقف الأميركي باتجاه التعامل المباشر مع الحكومة السورية المركزية، ودعم جهود توحيد البلاد ورفض أي مشاريع أو دعوات للتقسيم.
وأوضح أن العمل جارٍ على نقل الشراكات والتفاهمات التي كانت اضطرارية خلال سنوات الأزمة مع أجسام مؤقتة، إلى دمشق، وذلك في إطار تنسيق سياسي وعسكري واقتصادي مشترك يجري بلورته بين الطرفين.
وشدد المصدر على أن سوريا في عهدها الجديد ماضية بثبات نحو ترسيخ الاستقرار وتعزيز علاقات التعاون القائمة على السيادة الوطنية والاحترام المتبادل.


