تُعدّ بحيرة طبريا أكبر خزان للمياه العذبة في البلاد، فضلًا عن كونها من أبرز المسطحات المائية في منطقة الشرق الأوسط. ويبلغ مستوى سطح البحيرة حاليًا نحو 212 مترًا تحت مستوى سطح البحر، في تراجع مقلق يقترب من الخط الأحمر السفلي (–213.0 م)، وهو الحدّ الذي يُنذر ببدء مرحلة الخطر البيئي.
ووفق التقديرات، قد تصل البحيرة إلى هذا المستوى الحرج مع نهاية صيف 2025، ما يستدعي دقّ ناقوس الخطر حول مستقبلها البيئي والهيدرولوجي.
متر واحد فقط يفصل البحيرة عن مرحلة الخطر
يفصل منسوب البحيرة الحالي أقل من متر واحد عن "الخط الأحمر السفلي"، وهو مؤشر تحذيري يعتمد عليه الخبراء كبداية لمرحلة الاضطراب البيئي. وعند تجاوز هذا الخط، تبدأ جودة المياه بالتدهور، وترتفع نسبة الملوحة، كما تتأثر قدرة النظام البيئي المحيط على التوازن، وتقلّ كفاءة تغذية الخزانات الجوفية القريبة. كما يتطلّب تخطي هذا الحدّ تفعيل خطط إدارة مياه استثنائية، بما في ذلك اللجوء إلى مصادر بديلة أو غير تقليدية لتعويض النقص في المخزون.
السيناريو الأسوأ
وفي ظل استمرار الانخفاض، تشير البيانات إلى أن البحيرة تبتعد بنحو 2.87 متر فقط عن ما يُعرف بـ"الخط الأسود"، وهو أدنى مستوى سُجّل في تاريخ البحيرة. ويُعدّ هذا المستوى بالغ الخطورة، إذ يؤدي تجاوزه إلى انكشاف أجزاء واسعة من قاع البحيرة، وتقلّص حجمها المائي بشكل كبير، مما يؤثر سلبًا على التنوع البيولوجي ويُضعف من قدرتها التخزينية.
أسباب طبيعية وبشرية وراء الانخفاض
يُعزى هذا التراجع الحاد في منسوب المياه إلى جملة من العوامل، أبرزها ضعف الموسم المطري الأخير، لا سيما في مناطق شمال فلسطين التي تُشكّل الحوض المغذّي الرئيس للبحيرة. إلى جانب ذلك، ساهمت درجات الحرارة المرتفعة خلال فصلي الربيع والصيف في تسريع معدلات التبخر، مع استمرار استهلاك كميات كبيرة من مياه البحيرة لأغراض الزراعة والاستخدامات البلدية. كما شهدت الأنهار والروافد التي تغذّي البحيرة انخفاضًا ملحوظًا في تدفقها.
أهمية استراتيجية وبيئية كبرى
تُعدّ بحيرة طبريا مصدرًا حيويًا للمياه العذبة في إسرائيل، وتُستخدم لتلبية احتياجات الشرب والزراعة، وتشكل عنصرًا أساسيًا في منظومة الأمن المائي. كما أنها أخفض بحيرة عذبة في العالم، وتغذيها عدة روافد أهمها نهر الأردن. وتثير التغيرات المتسارعة في منسوبها مخاوف من تحوّل تدريجي في التوازن البيئي، بما يهدد التنوع الحيوي ويضاعف من التحديات المائية في المنطقة.