في أعقاب التقرير الجديد الذي أظهر انخفاضًا مستمرًا في معدلات الوفاة بالسرطان، قال الدكتور عبد إغبارية، مدير قسم الأورام في المركز الطبي "بني تسيون" في حديث لراديو الناس، إن هذه النتائج "مبشرة للغاية"، مشيرًا إلى أن الاتجاه ذاته يُلاحظ في إسرائيل أيضًا خلال السنوات الأخيرة.
وأوضح د. إغبارية، أن "المعطيات ليست جديدة تمامًا، فقد بدأنا نلحظ هذا الانخفاض في الوفيات منذ نحو خمس إلى عشر سنوات"، مؤكدًا أن أحد العوامل الأساسية وراء ذلك هو التحسن في التشخيص المبكر، لا سيما في أنواع مثل سرطان الثدي والقولون والرئة.
وأضاف: "عندما نكتشف المرض في مراحله المبكرة، فإن فرص الشفاء تكون أعلى واحتمالات الوفاة أقل بكثير. هذه نقطة مركزية للغاية في محاربة السرطان".
التقدم في العلاج وسلوكيات نمط الحياة
وأكد د. إغبارية أن التقدم الكبير في العلاجات، بما في ذلك العلاجات البيولوجية والعلاجات المناعية (Immunotherapy)، لعب دورًا محوريًا في تحسين النتائج السريرية. وقال: "العلاجات الحديثة تمتاز بأعراض جانبية أقل من العلاج الكيميائي التقليدي، مما يسهل على المرضى تقبّلها ويزيد من فاعليتها".
وأشار إلى أن هذه التطورات تأتي إلى جانب وعي متزايد حول أهمية الفحوصات الدورية وتبنّي أنماط حياة صحية، لكنه حذّر في الوقت نفسه من التأثير السلبي المتزايد للسمنة، والتي ترتبط بارتفاع معدلات الإصابة بسرطانات الجهاز الهضمي مثل القولون والمعدة والبنكرياس.
التدخين ما زال آفة، خاصة في المجتمع العربي
وفيما يتعلق بالتدخين، قال د. إغبارية: "في الغرب نشهد تراجعًا ملحوظًا في نسب المدخنين، لكن للأسف، في المجتمع العربي لم نرَ نفس الانخفاض. التدخين لا يسبب السرطان فقط، بل هو عامل خطر رئيسي لأمراض القلب والأوعية الدموية".
وشدد على العلاقة المباشرة بين التدخين وأنواع مختلفة من السرطان، وأبرزها: سرطان الرئة، وسرطان البنكرياس، وبعض سرطانات الجهاز الهضمي والثدي. وأضاف: "أكثر من 50% من الأمراض المزمنة اليوم مرتبطة بالتدخين، وهذا رقم لا يمكن تجاهله".
دعوة للفحوصات المبكرة والمشاركة في اتخاذ القرار العلاجي
وفي ختام حديثه، وجّه د. إغبارية دعوة مفتوحة للجمهور لإجراء الفحوصات المبكرة، خاصة لمن هم ضمن الفئات العمرية أو الفئات المعرضة للخطر، مثل فحص الماموغرافيا للنساء، وتنظير القولون للرجال والنساء، وفحص الأشعة المقطعية للمدخنين.
وأكد: "الفحص المبكر يُنقذ الحياة. والتطور العلاجي اليوم يتيح للمريض أن يكون شريكًا في خطة العلاج، مع توفر عدة خيارات علاجية لكل حالة".
التقرير الذي نُشر في الولايات المتحدة
وكان قد أظهر تقرير جديد نُشر هذا الأسبوع في الولايات المتحدة انخفاضًا مستمرًا في معدلات الوفاة جراء أمراض السرطان على مدار العقدين الماضيين، وذلك بفضل التراجع في معدلات التدخين والتقدم في أساليب الكشف المبكر والعلاج. ومع ذلك، حذّر الخبراء من أن موجة السمنة المتزايدة غيّرت من طبيعة انتشار السرطان وأنواعه، مع تسجيل ارتفاع ملحوظ في بعض أنواع السرطان المرتبطة بالسمنة، مثل سرطانات القولون والبنكرياس والكبد.
انخفاض مطّرد رغم التحديات
وبحسب التقرير الصادر عن الرابطة الأمريكية لتسجيل السرطان بالتعاون مع المعهد الوطني للسرطان (NCI)، ومراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، والجمعية الأمريكية للسرطان (ACS)، فقد سجّلت معدلات الوفاة بالسرطان في الولايات المتحدة انخفاضًا سنويًا تراوح بين 1.3% و2.1% خلال الفترة من عام 2001 وحتى 2022، حتى خلال العامين الأولين لجائحة كورونا.
الأرقام الأبرز
tي الفترة بين 2018–2022، بلغ معدل الوفيات العام من السرطان 146 لكل 100,000 شخص.معدل الوفيات لدى الرجال كان أعلى بنسبة 37% مقارنة بالنساء.سُجّل التراجع الأكبر في الوفيات نتيجة سرطان الرئة لدى كلا الجنسين.
السمنة تُغير خريطة المرض
في المقابل، سجل التقرير ارتفاعًا في معدلات الإصابة بأنواع من السرطان ترتبط مباشرة بزيادة الوزن والسمنة، خاصة بين الفئات الشابة. وتشمل هذه السرطانات:
- سرطان الثدي والرحم لدى النساء.
- سرطان القولون والمستقيم لدى المراهقين والبالغين الشباب.
- سرطان البنكرياس، الكلى، والكبد.
اتجاهات مقلقة في التشخيص
في الرجال، انخفضت معدلات الإصابة الجديدة في 7 من أصل 18 نوعًا من السرطان الأكثر شيوعًا، أبرزها سرطان الرئة والدماغ. بينما ارتفعت في سرطانات البروستاتا والبنكرياس وتجويف الفم.
في النساء، تم تسجيل زيادة في معدلات الإصابة الجديدة في 8 أنواع من السرطان، أبرزها سرطان المعدة، والذي سجّل ارتفاعًا سنويًا بمعدل 3.2% في جميع الفئات السكانية. في الوقت ذاته، تراجعت معدلات الإصابة بسرطانات الرئة، عنق الرحم، القولون، والمبيض.
تأثير كورونا وتراجع مؤقت في التشخيص
لاحظ التقرير تراجعًا في معدلات التشخيص الجديدة خلال عامي 2020 و2021، نتيجة لتقييد الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية أثناء الجائحة، لكنه أكد أن المعدلات عادت إلى مستوياتها الطبيعية مع عودة النظام الصحي للعمل بشكل طبيعي. كما أشار إلى أن بعض الادعاءات التي ربطت لقاحات كورونا بزيادة محتملة في معدلات السرطان لا تستند إلى أي أدلة علمية.
رغم التقدم الملحوظ في علاج السرطان والنجاحات في تقليص الوفيات، يبقى التحدي الأكبر في مواجهة السمنة كعامل خطر رئيسي، مع الحاجة المستمرة لتوسيع برامج الوقاية والكشف المبكر.