المطر الأوّل | فرحة الشتاء ومخاطر الطرق

فكيف نتعامل مع هذه الحقيقة؟ التوصيات تبدو بسيطة، لكنّها قد تنقذ الأرواح: خفّض سرعتك مع أوّل مطرة، ضاعف مسافة الأمان بينك وبين المركبات الأخرى، تأكّد مُسبقًا من سلامة الإطارات والمكابح والمسّاحات، تجنّب التوقّف المُفاجئ وخُذ المنعطفات ببطءٍ وحذر. 

في الذاكرة الشعبية يُسَمّى المطر الأول "الوسمي", ويُقال إنّه يجلب البركة والخير، ومعه تنبعث رائحة الأرض المبشرة بموسم جديد. غير أنّ هذا المطر، الذي يُستقبل عادةً بالفرح، قد يكون في الواقع الأخطر على الطرق.
علميًا، تُعرف هذه الظاهرة باسم "حوادث الانزلاق في المطر الأوّل" (First Rain Skidding Accidents (FRSA)). فخلال الصيف الطويل والجافّ، تتراكم على الطرقات طبقات من الأوساخ والغبار والزيوت، والتي تتحوّل مع أوّل مطرة إلى طبقة زلقة تشبه الصابون، تُفقِد الإطارات قدرتها على التشبّث بالإسفلت. دراسات إسرائيلية أثبتت أن خطر الحوادث في المطر الأوّل يزيد بمعدل يتراوح بين 2.6 و3.8 مرات مقارنةً بأي يوم ماطر آخر. ولهذا السبب بدأت سلطات الطرق منذ عام 2002 باستخدام تقنيّات خاصة مثل الغسل بالمياه المضغوطة (Waterblasting) لإزالة هذه الملوّثات قبل حلول الشتاء.
وتُظهر تقارير جمعية "أور يروك" (אור ירוק) أنّ أكثر من 14 ألف شخص أًُصيبوا بين عامي 2007 و2017 في حوادث مرتبطة بالطرق المبتلّة في فصل الشتاء، فيما قُتِل نحو220 شخصًا، أي بمعدّل 22 قتيلًا كل عام. ومن اللافت، أنّ مدينة القدس تصدّرت قائمة المدن من حيث عدد الإصابات، بحكم كونها الأكبر والأكثر ازدحامًا في البلاد.
ورغم شيوع الحديث عن "الانزلاق المائي"، وهي الحالة التي تفقد فيها الإطارات تماسها مع الطريق وتطفو فوق طبقة من الماء، تُظهر الدراسات الحديثة أنّ هذه الظاهرة أقل شيوعًا بكثير ممّا يُعتقد. الخطر الأبرز والأكثر انتشارًا يبقى المطر الأوّل بعد الصيف، حين تختلط الملوّثات والزيوت المتراكمة بماء المطر لتكوّن طبقة شديدة الانزلاق، فتضاعف احتمال وقوع الحوادث مقارنةً ببقيّة أيام الشتاء الماطرة.
فكيف نتعامل مع هذه الحقيقة؟ التوصيات تبدو بسيطة، لكنّها قد تنقذ الأرواح: خفّض سرعتك مع أوّل مطرة، ضاعف مسافة الأمان بينك وبين المركبات الأخرى، تأكّد مُسبقًا من سلامة الإطارات والمكابح والمسّاحات، تجنّب التوقّف المُفاجئ وخُذ المنعطفات ببطءٍ وحذر.