يشهد عدد من المطارات الأميركية الكبرى خفضًا واسعًا في عدد الرحلات الجوية، بعد أن دخل قرار إدارة الطيران الفيدرالية (FAA) بتقليص حركة الطيران التجاري حيّز التنفيذ، في ظل استمرار الإغلاق الحكومي الأطول في تاريخ البلاد دون بوادر لانفراج سياسي.
إلغاء مئات الرحلات وإرباك المسافرين
وقالت الإدارة إن القرار ضروري لضمان سلامة الملاحة الجوية في وقت يعمل فيه المراقبون الجويون دون رواتب منذ أسابيع. وبحسب موقع تتبّع الرحلات FlightAware، أُلغيت صباح الجمعة أكثر من 800 رحلة مرتبطة بالولايات المتحدة، أي ما يعادل أربعة أخماس الإلغاءات على مستوى العالم. وتشمل المطارات المتأثرة نيويورك (JFK)، ولوس أنجلوس (LAX)، وأتلانتا، ودالاس، وميامي، وسان فرانسيسكو.
وأوضح مدير إدارة الطيران براين بيدفورد أنّ "النظام بدأ يُظهر علامات ضغط، لذا نُقلّص عدد الرحلات بشكل استباقي لضمان استمرار الطيران الآمن". وتُقدّر شركة تحليل الطيران "سيريوم" أن التقليص قد يصل إلى 1800 رحلة، أي نحو 268 ألف مقعد خلال الأيام المقبلة.
تصاعد التوتر السياسي وتعثر المفاوضات
الإغلاق الحكومي، الذي بدأ الشهر الماضي إثر فشل التفاهم بين الجمهوريين والديمقراطيين بشأن الموازنة، ازداد حدة بعد رفض الديمقراطيين في مجلس الشيوخ مقترحًا لتمويل مؤقت. وزير النقل شون دافي أعلن أن 40 مطارًا عالي الكثافة ستخفض عملياتها بنسبة 4% قابلة للارتفاع إلى 10% الأسبوع المقبل، متهمًا الديمقراطيين بالمسؤولية عن "الفوضى الجماعية"، رغم أن التعطيل ناجم عن فشل الطرفين في التوصل لاتفاق.
شركات الطيران تتفاعل مع الأزمة
شركات "يونايتد" و"دلتا" و"ساوث ويست" بدأت بإلغاء رحلات منذ مساء الخميس، بينما أكدت "دلتا" أنها ستنفذ التعليمات مع الحفاظ على معظم جدولها. وقال رئيس "يونايتد" سكوت كيربي إن الشركة "ستواصل تعديل جدولها تدريجيًا لتقليل الإرباك". أما "أميركان إيرلاينز" فأشارت إلى أن معظم الرحلات الطويلة ستبقى على حالها، داعيةً القادة في واشنطن إلى إنهاء الإغلاق فورًا.
تداعيات اقتصادية وضغط قبل عطلة الشكر
تأتي هذه الأزمة قبل أسبوعين من عطلة "عيد الشكر" التي تُعدّ الأكثر ازدحامًا في موسم السفر الأميركي، ما يزيد الضغط على المشرعين. ويرى محللون أن الخلافات السياسية تستغلّ قطاع الطيران كوسيلة ضغط على الرأي العام، وسط مشكلات بنيوية أعمق في البنية التحتية للمراقبة الجوية ونقص الكوادر، إذ يقدَّر عدد المراقبين الذين لم يتقاضوا أجورهم بأكثر من 11 ألف موظف.
التكنولوجيا القديمة ونقطة ضعف النظام
ويرى المحلل مايكل تايلور من شركة "جي دي باور" أن "إدارة الطيران الفيدرالية تعمل بتكنولوجيا تعود للحرب العالمية الثانية، ما يجعلها بطيئة في التكيّف مع التحديات الحديثة". وأضاف أن النقص المزمن في الطواقم "لن يُحلّ بمجرد إنهاء الإغلاق، لأن جذوره أعمق وتتعلق بالإدارة والتمويل والتقنيات".



