بعد 3 أشهر من الجوع: سكان غزة يتدافعون من أجل كرتونة تحوي 5 كيلو أرز ودقيق والمشهد مفجع

 أبو ديّة : الطرد الغذائي يحتوي على 5 كيلو من الأرز والدقيق والسكر، بالإضافة إلى التمر والمربى وعدد من المواد الغذائية الأساسية، وهي مواد تهمّ المواطن الغزّي الذي لم يرَ مثل هذه الأغذية منذ 90 يومًا. 

1 عرض المعرض
غزة
غزة
غزة
(Flash90)
شهد مركز توزيع المساعدات الأميركي في منطقة تل السلطان غرب مدينة رفح، يوم أمس، حالة من الفوضى الشديدة والاشتباكات، وسط ازدحام غير مسبوق، وغياب التنظيم، واتهامات بالفشل في تنفيذ آلية توزيع عادلة وفعالة. وترافق التوزيع مع مواجهات واعتقالات في صفوف الأهالي، مما أثار انتقادات حادة من منظمات دولية، على رأسها الأمم المتحدة، التي وصفت المشهد بـ"المفجع"، وسط تحذيرات من أن ما يجري قد يكون مقدمة لفرض "مخطط تهجير جماعي".
خضر أبو دية: كرتونة أرز وطحين وسكر بعد 90 يومًا من الجوع
هذا النهار مع محمد مجادلة وسناء حمود
08:55
شهادة من الميدان: لا تنظيم، ولا عدالة خضر أبو ديّة، أحد سكان قطاع غزة، كان شاهدًا على ما جرى في مركز المساعدات، وأفاد خلال مداخلة في برنامج "هذا النهار" على راديو الناس مع الزميلين محمد مجادلة وسناء حمود، أنه تواجد في المكان منذ السادسة صباحًا، وقال:"الموقع الموجود على طريق البحر في تل السلطان، لم يكن مجهزًا على الإطلاق لاستيعاب الأعداد المهولة من الناس. الطرق المؤدية إليه ضيقة، التنظيم معدوم، والمكان نفسه لا يحتمل الضغط الكبير. المساعدات التي وُزعت كانت محدودة جدًا، لكنها تُعتبر حلمًا لأي إنسان غزّي في ظل شحّ الغذاء وارتفاع الأسعار الجنوني". وأضاف أبو ديّة أن المساعدات التي حصل عليها المواطنون كانت عبارة عن "كرتونة غذائية توزَّع دون تدقيق أو نظام، دون التأكد من الهوية أو تسجيل الأسماء". وأشار إلى أن طائرة مسيّرة تابعة للقوات المشرفة حلّقت في الموقع وطلبت عبر مكبرات الصوت من الناس مغادرة المكان بحجة إجراء صيانة. "الطائرة قالت للناس: عودوا إلى بيوتكم، هناك صيانة جارية في الموقع. الناس انصاعت، ورحلوا، بعد أن فقدوا الأمل في الحصول على المساعدة،" قال أبو ديّة. وتابع:"الطرود غير كافية لأكثر من يومين أو ثلاثة، والناس جائعة منذ أسابيع. لم نشهد مثل هذا الضغط منذ بداية الحرب، والمشهد كان مأساويًا بكل المقاييس". كرتونة أرز وطحين وسكر بعد 90 يومًا من الجوع وأضاف أبو ديّة أن الطرد الغذائي يحتوي على 5 كيلو من الأرز والدقيق والسكر، بالإضافة إلى التمر والمربى وعدد من المواد الغذائية الأساسية، وهي مواد تهمّ المواطن الغزّي الذي لم يرَ مثل هذه الأغذية منذ 90 يومًا.
الناطق بلسان الأونروا: ما حدث كان متوقعًا ونرفض تسييس الإغاثة
هذا النهار مع محمد مجادلة وسناء حمود
07:01
أونروا: ما حدث كان متوقعًا ونرفض تسييس الإغاثة من جانبه، قال عدنان أبو حسنة، الناطق الرسمي باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في غزة، في نفس المقابلة ، إن ما حدث لم يكن مفاجئًا بالنسبة لهم:"بصراحة، ما جرى كان متوقعًا. لا يمكن إلغاء 400 نقطة توزيع كانت تديرها الأنروا والمنظمات الأممية في كافة أنحاء القطاع واستبدالها بأربعة مراكز فقط. هذا مستحيل من الناحية الفنية والإنسانية." وأضاف أبو حسنة:"الجهة التي تتولى حالياً عملية التوزيع لا تمتلك خبرة كافية، ولا قاعدة بيانات عن المستفيدين، ولا تفهم احتياجاتهم. موظفو أونروا بالآلاف، مدربون، ويمتلكون تجربة طويلة في التعامل مع سكان القطاع. كيف يتم استبدالهم بعشرات من عناصر الأمن؟"
وفيما يتعلق بجدل استقلالية الجهة المشرفة على المساعدات، قال أبو حسنة:"من يقدم خدمة إنسانية يجب أن يكون موثوقًا من قبل السكان، لا يمتلك أجندة سياسية أو عسكرية. يجب أن يخضع للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف. أما أن نرى جهة غامضة، تدير مركزًا دون شفافية، وتخلق مشاهد مذلة ومؤلمة، فهذا أمر غير مقبول."
تحذيرات من مخطط تهجير وفي تحذير صريح، قال أبو حسنة:"نسمع بشكل يومي من مسؤولين إسرائيليين أن الهدف هو تجميع الناس جنوب القطاع تمهيدًا لترحيلهم، سواء برغبتهم أو بالإكراه. إن استخدام المساعدات كوسيلة ضغط لترحيل الناس هو أمر مرفوض، ويُعتبر انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي." كما كشف أن الأمم المتحدة قدمت خطة من خمس مراحل لإدخال وتوزيع المساعدات من خلال مخازن أونروا، مستندة إلى أسماء المستفيدين، وليس عبر "نقاط عشوائية لا يتوفر فيها أي معيار للمساءلة". وعن الاتهامات الأميركية والإسرائيلية بأن المساعدات تقع بيد حماس، قال:"أونروا لم تتلق أي شكوى رسمية أو موثّقة بهذا الخصوص. كل ما نسمعه هو كلام عام دون أدلة. في حال وردت إلينا أي مخالفات، نحن نفتح تحقيقًا فورًا، ولن نسمح لأي طرف بالاستيلاء على مساعدات إنسانية."
خلاصة المشهد: فوضى، جوع، وغياب للثقة الصور المتداولة، والشهادات الحية، والمواقف الأممية، جميعها تشير إلى إخفاق ذريع في آلية توزيع المساعدات عبر مركز تل السلطان، وتفاقم أزمة الثقة بين السكان والمؤسسات الجديدة التي تدير العملية. في وقت يشتد فيه الحصار على القطاع، ويستمر فيه انقطاع الغذاء والدواء، تبقى الأسئلة معلقة: من المسؤول عن هذا الفشل؟ وهل نشهد بدايات تنفيذ خطة تهجير أم مجرّد فوضى إنسانية مؤقتة؟
First published: 08:43, 28.05.25