أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران خرقت التزاماتها النووية للمرة الأولى منذ أكثر من عشرين عامًا، في قرار اعتبره مسؤولون إيرانيون سياسيًا، فيما تستعد طهران لتفعيل إجراءات فنية فورية كرد على أي تصعيد دولي.
إيران: الإجراءات الفنية جاهزة وستُفعل فورًا
من جهته، صرّح مساعد وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي أن بلاده استكملت الترتيبات اللازمة لتفعيل إجراءات فنية مضادة فور صدور قرار من مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ضد البرنامج النووي الإيراني، مؤكدًا أن القرار المرتقب "سياسي ويفتقر للإجماع"، وأن إيران ستواصل تطوير برنامجها بخطوات "فعالة ومتقدمة".
وفي سياق متصل تشير سلسلة تقارير دولية صدرت خلال الساعات الماضية إلى تغيّر حاد في الموقف من المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران نحو سيناريو تصعيد عسكري محتمل، وسط استعدادات إسرائيلية لضربة ضد منشآت إيرانية دون دعم مباشر من واشنطن، وتحذيرات إيرانية بردّ شامل يشمل مئات الصواريخ الباليستية.
استعدادات إسرائيلية وتحذيرات دولية
نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مصادر استخباراتية أن إسرائيل "تستعد لهجوم في وقت قريب" ضد أهداف إيرانية، في ظل تعثر المحادثات النووية بين طهران وواشنطن. وأشارت NBC إلى أن الضربة "قد تحدث خلال أيام"، وأنها لن تحظى بدعم أمريكي مباشر، فيما ذكرت "CBS" أن مسؤولين أمريكيين أُبلغوا بأن إسرائيل "جاهزة تمامًا" لشن هجومها.
من جانبها، أعلنت إيران عبر قناة Press TV أنها رفعت درجة التأهب القصوى، وهددت على لسان مسؤول رفيع بشنّ "رد مضاد فوري" يشمل إطلاق مئات الصواريخ الباليستية. وأضاف المسؤول أن دولة "صديقة" في المنطقة حذّرت طهران من هجوم إسرائيلي وشيك.
تراجع في الآمال الدبلوماسية وانسحاب أمريكي تدريجي
في موازاة ذلك، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه بات "أقل ثقة بكثير" بإمكانية التوصل إلى اتفاق نووي، وقال: "يبدو أنهم يؤجلون، وأظن أن هذا أمر مؤسف". وزارة الخارجية الأمريكية أمرت بإخلاء جزئي لسفاراتها في العراق، البحرين والكويت، كما سمحت وزارة الدفاع بمغادرة عائلات العسكريين من قواعد في المنطقة.
وأفادت "واشنطن بوست" بأن البنتاغون يتأهب لاحتمال ردّ إيراني يستهدف مواقع أمريكية في العراق، كما ذكرت "رويترز" أن رئيس القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل كوريلّا ألغى جلسة شهادة أمام الكونغرس، في مؤشر على خطورة الموقف.
تهديدات متبادلة وتحركات بحرية
وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زاده، حذّر من أن بلاده "ستقصف القواعد الأمريكية كافة في المنطقة دون تردد" إذا اندلع النزاع. في المقابل، نشرت البحرية البريطانية تحذيرات نادرة للسفن التجارية من خطر التصعيد العسكري في مضيق هرمز والخليج.
فيما ذكرت "بلومبرغ" أن أسعار النفط ارتفعت بنسبة 5% وسط مخاوف من اندلاع نزاع يؤثر على ممرات الطاقة، خاصة مع احتمال إغلاق مضيق هرمز في حال تصاعد المواجهة.
تحذيرات أمنية في إسرائيل ولقاءات دبلوماسية وشيكة
في تطور متصل، أصدرت السفارة الأمريكية في إسرائيل تحذيرًا أمنيًا استثنائيًا، طالبت فيه موظفيها بعدم مغادرة مناطق تل أبيب الكبرى، القدس وبئر السبع، والسماح فقط بالتنقل بينها أو إلى مطار بن غوريون عبر طريق رقم 1. وجاء ذلك في ظل تأكيد مصدر إسرائيلي أن رئيس الموساد دادي برنيا ووزير الشؤون الاستراتيجية رون درمر سيلتقيان غدًا المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف في محاولة لتنسيق المواقف قبيل جولة المحادثات النووية السادسة في مسقط.
محاولة أخيرة للعودة إلى المسار الدبلوماسي
ورغم كل التصعيد، لا تزال هناك نافذة ضيقة للأمل. فقد أكدت سلطنة عمان أن الجولة السادسة من المحادثات النووية ستُعقد في مسقط يوم الأحد، بمشاركة مبعوث ترامب الخاص ستيف وِيتكوف ووزير الخارجية الإيراني عباس عرَقْشي. وقال الأخير في تصريح له إن "الاتفاق ممكن وسريع إن توفرت النية".
لكن محللين يشككون بإمكانية إنقاذ المسار الدبلوماسي في ظل استعراض القوة المتبادل، وتراجع الثقة المتبادل بين الأطراف، فيما يترقب المجتمع الدولي ما إن كانت المنطقة ستدخل فعلاً مرحلة انفجار أمني كبير قد يغيّر خريطة الشرق الأوسط لعقود قادمة.
First published: 10:46, 12.06.25