تشهد بحيرة الحولة في شمال البلاد هذه الأيام مشهدًا طبيعيًا استثنائيًا مع هبوط ملايين الطيور المهاجرة القادمة من أوروبا وآسيا في طريقها إلى القارة الأفريقية، ضمن موسم الهجرة الخريفي. وخلال الأسابيع المقبلة يُتوقع مرور نحو ستمئة ألف طائر من أجواء المنطقة، ما يجعلها واحدة من أبرز نقاط العبور عالميًا.
المرشد السياحي فوزي ناصر: سهل الحولة يشهد هجرة مئات آلاف الطيور من أوروبا لإفريقيا
هذا النهار مع شيرين يونس
09:21
المرشد السياحي فوزي ناصر أوضح في حديثه لراديو الناس أنّ "منطقة الحولة تقع في قلب المسار المعروف بالشق السوري–الأفريقي، وهو أخفض ممر طبيعي بين الجبال يربط أوروبا بأفريقيا. وهذا الممر يسمح سنويًا بعبور نحو نصف مليار طائر، ما يجعل بلادنا واحدة من أهم محطات الهجرة في العالم".
وأضاف: "الطيور تهاجر أساسًا بحثًا عن الطعام. ففي شمال أوروبا وآسيا وأميركا الشمالية يغطي الثلج الأرض في الشتاء، فتفتقر الطيور لمصادر الغذاء، ما يدفعها للتحرك جنوبًا عبر مسارات محددة تتجنب البحار الواسعة".
وبحسب ناصر، فإن أبرز الأنواع التي تشاهد حاليًا في بحيرة الحولة هي الكركي واللقلق والبجع، إضافة إلى أنواع صغيرة وأخرى ضخمة قد يصل وزنها إلى 12 كيلوغرامًا. وقال: "الطيور تختار الحولة للتوقف لأنها توفر الماء والغذاء، وبعضها يكتفي بالعبور إلى أفريقيا، فيما تبقى أنواع أخرى مستقرة في البلاد حتى نهاية الموسم".
ولفت إلى أنّ السلطات والمزارعين يواجهون تحديًا كبيرًا في حماية المحاصيل الزراعية من أسراب الطيور، موضحًا أنّ "من أبرز وسائل الحماية وضع أجهزة تصدر إشعاعات أو أصوات لتخويف الطيور، إلى جانب تزويدها يوميًا بكميات كبيرة من الذرة تصل إلى أربعة أطنان تقريبًا، لتوفير غذاء بديل يمنعها من إلحاق الضرر بالزراعة".
وأشار ناصر إلى أنّ مراقبة الطيور لا تقتصر على الحولة فحسب، بل تمتد إلى مواقع أخرى على طول الساحل وفي جبال القدس ووادي الأردن وحتى إيلات. وقال: "في بعض المواقع تُجرى أبحاث دقيقة بوساطة أجهزة صغيرة تُربط بأجنحة الطيور لتتبع مساراتها، وقد تبيّن أن الطيور تعود عامًا بعد عام إلى نفس الطريق بدقة لافتة".
كما شرح آلية الطيران الجماعي للطيور، قائلاً: "الطيور تطير على شكل أسراب منظمة، حيث يتقدم الأقوى ليشق الطريق ويخفف الضغط عن البقية، ثم يتبادل الأفراد الأدوار. هذه الاستراتيجية تتيح للطائر أن يقطع آلاف الكيلومترات بطاقة أقل".
وختم المرشد السياحي بالقول: "الهجرة الموسمية للطيور ليست مجرد ظاهرة طبيعية عابرة، بل هي لوحة بيئية نادرة الجمال، وفرصة للتأمل في قدرة هذه الكائنات على اجتياز المسافات الهائلة بدقة مذهلة، جيلاً بعد جيل".
