افتُتح في العاصمة اليونانية أثينا، في 18 أيلول/سبتمبر، الجناح اليوناني لبينالي غزة تحت عنوان "على خط النار.. معجزات وسط الأنقاض"، وذلك ضمن مشروع عالمي يضمّ 14 جناحًا موزّعًا على مدن كبرى مثل نيويورك ولندن وبرلين وإسطنبول وفالنسيا ودبلن. ويُقام المعرض في مركز Lofos Art Project الفنّي بحيّ كيبسيلي ويستمرّ حتى الرابع من نوفمبر، بمشاركة أكثر من 30 فنانًا فلسطينيًا من قطاع غزة، بعضهم ما زال يعيش داخل القطاع تحت ظروف الحرب المستمرّة.
والـ"بينالي" هو مصطلح يُطلق على المعارض الدولية الكبرى التي تُنظَّم عادةً كل عامين، وقد تحوّل مع مرور الوقت إلى صيغة راسخة للاحتفاء بالفن المعاصر وإبراز القضايا الثقافية والاجتماعية على مستوى عالمي. أمّا "بينالي غزة"، الذي وُلد في ظروف استثنائية، فلا يقدّم نفسه كفعالية فنّية فقط، بل كمنصّة تضع الفن الفلسطيني في قلب النقاش الثقافي العالمي وتفتح أمامه فضاءات جديدة.
تجسيد لحياة النزوح والفقد اليومي
أمّا فكرة البينالي فانطلقت في أبريل 2024 من غزة نفسها، عبر تعاون بين مجموعة من الفنانين والقيّمين الفلسطينيين إلى جانب المتحف الممنوع في جبل الريسان، قبل أن تتحوّل إلى مشروع عالمي متنقّل يُعرض في عواصم متعدّدة. وتتنوّع الأعمال المشارِكة بين الرسم والنحت والتصوير والفن الرقمي، وتتناول مواضيع مثل معاناة الأمّهات، حياة النزوح وقصص الفقدان اليومي، إلى جانب الطوابير الطويلة للحصول على الغذاء والماء، لتصبح هذه الأعمال بمثابة شهادات فنية حيّة على واقع الفلسطينيين.
ويترافق المعرض مع فعاليات فكرية وحوارية، بينها ندوة بعنوان "الشهادة: كيف يكسر الفن الحصار" بمشاركة فنانين وشعراء فلسطينيين إلى جانب باحثين دوليين، إضافة إلى بث مباشر من غزة واتّصال مباشر مع حفل افتتاح الجناح التركي ضمن بينالي إسطنبول. كما يُعرض عمل الفنان سهيل سالم "يوميات في زمن الإبادة" من خلال الجناح الإنجليزي للبينالي، في خطوة تؤكد على الطابع الدّولي لهذا المشروع.
ويهدف المعرض، بحسب المنظّمين، إلى تسليط الضوء على صمود الفنّ الفلسطيني في مواجهة الإبادة الجماعية، وعلى الدور الحيوي للإبداع في إعادة بناء الهوية الثقافية للأرض والشعب الفلسطيني. هذا وأكّد المنظّمون في بيانهم أنّ عنوان المعرض بحدّ ذاته يُعدّ نداءً للتحرّك، مشيرين إلى أنّ الأعمال المعروضة أُنجزت في ظروف قاسية لا تُحتمل، على أيدي فنانين يواصلون عملهم متحدّين هذه الظروف ليؤكّدوا أنّ الفن ليس رفاهية، بل جزء أساسي من الحياة.