بعد فرض الرسوم الجمركية: وول ستريت تسجّل أسوأ أسبوع لها منذ أزمة كورونا

شهدت بورصات وول ستريت بعد إعلان ترامب عن فرض رسوم جمركية شاملة على الواردات، انهيارًا حادًا هو الأسوأ منذ أزمة كورونا،  رئيس الاحتياطي الفدرالي: "الرسوم ستؤدي إلى تضخم أعلى ونمو أبطأ"

راديو الناس|
1 عرض المعرض
.
.
توضيحية
شهدت بورصات وول ستريت أسوأ أسبوع لها منذ أزمة كورونا، على خلفية قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، فرض رسوم جمركية جديدة.
فقد تراجع مؤشر S&P 500 بنسبة 9.1% خلال الأسبوع، بعدما هبط بنسبة 6% يوم الجمعة و4.8% يوم الخميس، ما أدى إلى محو نحو 5.4 تريليون دولار من القيمة السوقية للشركات المدرجة في المؤشر.
كما تراجع مؤشر داو جونز أمس الجمعة بنسبة 5.5%، أي ما يعادل 2,231 نقطة خلال يوم واحد، في سابقة هي الأولى من نوعها التي يفقد فيها المؤشر أكثر من 1,500 نقطة خلال يومين متتاليين.
أما مؤشر ناسداك، الذي تغلب عليه أسهم التكنولوجيا، فقد هبط بأكثر من 20% منذ ذروته في كانون الأول/ ديسمبر، وهو ما يُصنّف على أنه دخول في "سوق دبّي" (Bear Market)، أي بداية مرحلة هبوط حاد ومطوّل.
وسجلت شركات كبرى خسائر قاسية: سهم "آبل" انخفض بنسبة 7% يوم الجمعة، وخسر 13% خلال أسبوع. شركة "إنفيديا"، الرائدة في رقائق الذكاء الاصطناعي، تراجعت بنسبة 7%. أما شركة "تسلا" التابعة لإيلون ماسك فسجلت انخفاضًا بنسبة 10%. شركة "بوينغ" و"كاتربيلر"، وهما من كبار المصدّرين إلى الصين، فقدتا 9% و6% على التوالي. ومن بين 500 شركة في مؤشر S&P 500، لم تغلق سوى 14 شركة تداولات الجمعة على ارتفاع.
وقد امتدت هذه العاصفة إلى الأسواق الأوروبية والآسيوية أيضًا، حيث خسر مؤشر "ستوكس 600" الأوروبي 8.4% خلال الأسبوع، بينما تراجع مؤشر FTSE 100 البريطاني بنسبة 7%، وسجل مؤشر MSCI Asia انخفاضًا بنسبة 4.5%.
ترامب: "سياستي لن تتغير أبدًا"
جاء هذا التراجع الحاد في الأسواق عقب إعلان ترامب فرض رسوم جمركية عالمية بنسبة 10% على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة، في ما وصفه بـ"يوم تحرير أمريكا".
وقد أُضيفت رسوم جمركية خاصة على بعض الدول، تُظهر – بحسب ترامب – مدى استغلالها للولايات المتحدة. كما فُرضت على إسرائيل رسوم بنسبة 17% (منها 10% أساسية و7% إضافية)، حيث تُعد إسرائيل في موقع وسطي، إذ أن الرسوم المفروضة عليها أعلى من تلك المفروضة على بريطانيا وسنغافورة، لكنها أقل بكثير من تلك المفروضة على الاتحاد الأوروبي (20%) أو الصين (54%).
ورغم الانهيار في الأسواق، أظهر ترامب إصرارًا على موقفه، وقال في منشور عبر منصة "Truth Social" يوم الجمعة: "سياستي لن تتغير أبدًا". وبدلًا من التراجع، دعا رئيس الاحتياطي الفيدرالي، جيروم بأول، إلى خفض أسعار الفائدة، معتبرًا أنه "الوقت الأمثل" لتقليل تكاليف الاقتراض.
كما علّق ترامب على رد الصين التي فرضت رسومًا انتقامية بنسبة 34%، وكتب: "الصين دخلت في حالة ذعر — وهذا آخر شيء يمكنها تحمّله".
من جانبه، حذر باول من أن رسوم ترامب "ستؤدي إلى تضخم أعلى ونمو أبطأ"، مضيفًا أن "اتضح الآن أن الزيادات في الرسوم ستكون أكبر مما كان متوقعًا، وكذلك الآثار الاقتصادية المحتملة".
توقعات قاتمة للاقتصاد الأميركي
دخلت الرسوم الأساسية حيّز التنفيذ اليوم، فيما يُتوقع أن تدخل الرسوم الإضافية حيّز التنفيذ في 9 نيسان/ أبريل. وحتى ذلك الحين، يُفترض أن يجري ممثلو الإدارة الأميركية مفاوضات مع ممثلي الدول المختلفة التي تسعى لتقليل الرسوم المفروضة عليها. إلا أن خبراء أعربوا عن شكوكهم بإمكانية الالتزام بهذا الجدول الزمني.
وقال أجاي راجدياكشا من بنك "باركليز" لصحيفة فايننشال تايمز: "إذا لم تُلغ الرسوم بحلول 9 نيسان، فمن المحتمل أن نشهد ركودًا في الولايات المتحدة وأوروبا. ما لم تُنهَ حرب التجارة سريعًا، فإن الركود في أميركا هذا العام يبدو شبه مؤكد".
البنوك الكبرى بدأت بالفعل بتعديل توقعاتها الاقتصادية: بنك "جي بي مورغان" توقّع انكماش الاقتصاد الأميركي بنسبة 0.3% في 2025، بعد أن كانت التوقعات السابقة تشير إلى نمو بنسبة 1.3%. وتوقّع دخول الاقتصاد في ركود.
أما بنك "سيتي غروب"، فقد خفّض تقديراته للنمو في أميركا إلى 0.1% بعد أن كانت 0.6%، وقال: "مستوى عدم اليقين في الاقتصاد الأميركي هو الأعلى منذ كورونا. لم يسبق أن فرض اقتصاد حديث رسومًا جمركية بهذه السرعة".
ووفق تقرير نيويورك تايمز، فإن محللين ومؤرخين اقتصاديين أشاروا إلى صعوبة إيجاد سابقة تاريخية تسبب فيها رئيس أميركي بهذا الحجم من الضرر المباشر للأسواق المالية. ونُقل عن المحلل إد يارديني قوله: "آمل أن تكون الرسالة التي يرسلها السوق قد وصلت للإدارة – السوق يعارض سياسة الرسوم الجمركية هذه".