يكشف تقرير موسّع نشرته صحيفة TheMarker عن حجم الميزانيات الضخمة التي تديرها وزارة الاستيطان والمهام القومية برئاسة أوريت ستروك، والجهات المستفيدة منها، في وقت تتصاعد فيه تكاليف الحرب ويزداد العجز المالي.
وزارة جديدة بصلاحيات واسعة
منذ تعيينها في نهاية عام 2022، تولّت ستروك حقيبة وزارية جديدة صُمّمت لتتلاءم مع أجندة حزب "الصهيونية الدينية". الوزارة تشمل ملفات الاستيطان والهوية اليهودية والثقافة الدينية والخدمة المدنية، إضافة إلى دعم المعدّات الأمنية في المستوطنات.
ووفق التقرير، ارتفع تمويل الوزارة بشكل لافت بعد الحرب، إذ خُصّص لها بين 2023 و2025 نحو 350 مليون شيكل سنويًا من "الأموال الائتلافية"، ما ضاعف ميزانيتها مقارنة بالسنوات السابقة.
دعم متسارع لمشاريع "الهوية اليهودية"
أظهر التقرير أنّ الوزارة موّلت عامي 2024–2025 مشاريع لتعزيز "الهوية اليهودية" في المدارس والجامعات والجيش، بقيمة تجاوزت 100 مليون شيكل. ومن بين هذه المشاريع: إنشاء مراكز ثقافية يهودية، برامج غير رسمية في المدارس، وتطوير منصات رقمية وألعاب تعليمية بملايين الشواكل.
كما مُنحت جمعيات دينية، مثل "سولاموت" و"زهوت"، عقودًا مباشرة دون مناقصات رسمية، لتشغيل برامج دراسية ونشاطات تستهدف الأطفال والطلاب والجنود.
أموال مشروطة بتبنّي محتوى ديني
بحسب الوثائق التي فحصتها الصحيفة، فإن السلطات المحلية أو الجمعيات التي ترغب بالحصول على دعم مالي مطالَبة بدمج محتوى "تراث يهودي" في نشاطاتها، حتى لو كانت موجّهة للمجتمع العام أو للمُهجّرين من الشمال والجنوب.
فعلى سبيل المثال، أوضح التقرير أنّ السلطات المحلية في الشمال لا يمكنها تنظيم جولات ترفيهية للسكان المُهجّرين إلا إذا تضمّنت هذه الجولات مضامين مرتبطة بالهوية اليهودية.
تعزيز المستوطنات في الضفة الغربية
جزء كبير من الميزانيات صُرف لتقوية الاستيطان في مناطق "ج"، حيث خُصّصت عشرات الملايين لإقامة وحدات "سير الحقول" لمراقبة الأراضي ومنع "البناء الفلسطيني غير المرخّص"، إضافة إلى تزويد المستوطنين بمركبات حديثة ومعدّات مراقبة.
ووفق التقرير، ارتفع تمويل هذا البند من 13 مليون شيكل عام 2024 إلى أكثر من 30 مليون شيكل عام 2025.
كذلك جرى تمويل عشرات "النوى التوراتية" وبيوت حباد في مدن مختلفة، بما في ذلك تل أبيب. وتُظهر الوثائق أنّ أكثر من ثلثي هذه الأطر تتبع لتيارات دينية، بينما تحصل الجمعيات العلمانية أو العربية على نسبة محدودة من التمويل.
الوزيرة ستروك، المقيمة في الخليل، اعتبرت هذه الخطوة "مهمة مقدسة" لتعزيز السيطرة اليهودية على الأرض، وقالت في تصريحات سابقة إن "من يسيطر على الأرض هو من يحسم مستقبلها".
رد الوزارة على الانتقادات
في ردها على الانتقادات، قالت الوزارة إن التمويل يوجّه إلى "تعزيز الصمود والهوية اليهودية"، مؤكدة أنّ الأموال تدعم مبادرات من مختلف التيارات، وليست حكرًا على جمعيات دينية. وأضاف البيان: "الحرب عززت الفهم لسبب وجودنا هنا في هذه البلاد، ومن أجل ذلك نحن نقاتل".