ترامب يهدد الدولار : خطة لإضعاف العملة الأمريكية تثير قلق الأسواق

خلال الأسابيع الأخيرة، شهد الدولار الأمريكي تراجعًا ملحوظًا بنسبة 6% أمام سلة من العملات الرئيسية مثل اليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني والفرنك السويسري

راديو الناس|
ويبقى السؤال المطروح: هل ينجح ترامب في إعادة تشكيل النظام الاقتصادي العالمي، أم أن خططه ستفشل وتؤدي إلى مزيد من الاضطرابات في الأسواق؟ الإجابة ستتضح في الأشهر المقبلة، لكن المؤكد أن كل خطوة يتخذها ترامب ستظل تحت مجهر المستثمرين والمراقبين الاقتصاديين حول العالم.
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
تشهد أسواق العملات العالمية تقلبات حادة في سعر صرف الدولار الأمريكي، حيث لفتت تقارير إلى أن هذه التغيرات الحادة لا تعود إلى تدهور الأوضاع الأمنية في إسرائيل، بل ترتبط بتحركات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي أصبح، بحسب خبراء اقتصاديين، اللاعب الرئيسي في زعزعة استقرار الأسواق العالمية.
ترامب يقلب الموازين الاقتصادية
خلال الأسابيع الأخيرة، شهد الدولار الأمريكي تراجعًا ملحوظًا بنسبة 6% أمام سلة من العملات الرئيسية مثل اليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني والفرنك السويسري، وذلك بعد فترة من الانتعاش أعقبت فوز ترامب في الانتخابات الأمريكية. لكن حالة التفاؤل التي هيمنت على الأسواق عقب فوز ترامب سرعان ما تحولت إلى حالة من القلق، خاصة بعد إعلانه عن فرض رسوم جمركية جديدة وافتعال أزمات مع كندا والمكسيك، الشريكين التجاريين الأكبر للولايات المتحدة.
هذه السياسات المثيرة للجدل أثارت مخاوف من أن تؤدي إلى ارتفاع الأسعار في الولايات المتحدة والعالم، وزيادة معدلات التضخم، وربما إلى تباطؤ اقتصادي على المدى القريب. وازدادت هذه المخاوف بعدما صرح ترامب مؤخرًا بأن "الشعب الأمريكي قد يضطر للتعامل مع ألم اقتصادي مؤقت"، وهو ما زاد من قلق الأسواق بشأن احتمال حدوث ركود اقتصادي في المستقبل القريب.
"اتفاق مار-أ-لاغو"... خطة مثيرة للجدل
إلى جانب هذه السياسات الاقتصادية التقليدية، أشار تقرير إعلامي إلى أن مستشارين اقتصاديين مقربين من ترامب، هما وزير الخزانة سكوت بيسنت والمستشار الاقتصادي ستيفن ميرن، يعملان على خطة غير تقليدية لتغيير النظام الاقتصادي العالمي، حيث يقترحان اتفاقًا يحمل اسم "مار-أ-لاغو".
تقوم هذه الخطة على إنشاء تحالف اقتصادي جديد بين الولايات المتحدة ودول حليفة، حيث تقدم واشنطن في إطاره حماية اقتصادية وعسكرية لهذه الدول، مقابل تعاونها في إضعاف الدولار الأمريكي بشكل متعمد مقابل العملات الأخرى. وتهدف هذه الخطوة إلى تعزيز الصادرات الأمريكية عبر تخفيض قيمة الدولار وجعل المنتجات الأمريكية أكثر تنافسية في الأسواق العالمية.
لكن الخطة لا تخلو من بنود مثيرة للجدل، حيث تشمل مقترحًا يُلزم الدول الحليفة بتحويل سندات الخزانة الأمريكية التي تملكها إلى سندات طويلة الأمد تمتد إلى مئة عام وبدون فوائد، مما قد يؤدي إلى تقليص الدين الأمريكي بشكل كبير. كما تنص الخطة على فرض رسوم على البنوك المركزية التي تختار الاستثمار في سندات الخزانة الأمريكية، بدلاً من تقديم فوائد لها كما هو متبع حاليًا.
مخاوف من تداعيات عكسية
رغم طموحات القائمين على هذه الخطة، يرى خبراء اقتصاديون أن فرص نجاحها ضئيلة، حيث يمكن أن تدفع العالم للبحث عن عملة بديلة للدولار كعملة رئيسية للتجارة الدولية، وهو ما يتناقض مع مصالح الولايات المتحدة. كما أن فرض قيود على شراء سندات الخزانة قد يؤدي إلى رفع أسعار الفائدة بدلاً من خفضها، ما قد ينعكس سلبًا على الاقتصاد الأمريكي.
كما أن خفض قيمة الدولار قد يسهم في تحسين الصادرات الأمريكية، لكنه في المقابل سيرفع تكلفة الاستيراد، مما سيؤثر بشكل مباشر على المستهلك الأمريكي.
علاوة على ذلك، فإن الصراع السياسي الذي دخله ترامب مع عدد من الدول، خاصة الحلفاء التقليديين مثل كندا وأوروبا، قد يحد من فرص نجاح هذه الخطة. فالدول الكبرى مثل الصين وروسيا والهند قد لا تجد مصلحة في الدخول باتفاق كهذا، مما يقلل من فرص نجاح الخطة على المدى البعيد.
تأثير مباشر على الشيكل الإسرائيلي
أما في إسرائيل، فقد شهد الشيكل تراجعًا بنسبة 2% أمام الدولار خلال الشهر الأخير، وبنسبة 7% أمام اليورو. ويعزو محللون هذا التراجع إلى تأثيرات غير مباشرة للقلق الاقتصادي الأمريكي، حيث أن الصناديق الاستثمارية والمؤسسات المالية الإسرائيلية التي تدير مدخرات طويلة الأجل، تمتلك كميات كبيرة من الأسهم والسندات الأمريكية، وعندما تتراجع قيمة هذه الأصول، تسعى هذه المؤسسات إلى تعزيز استثماراتها عبر شراء الدولار، مما يؤدي إلى تراجع قيمة الشيكل.
من ناحية أخرى، يشير الخبراء إلى أن أي انخفاض في أسواق الأسهم الأمريكية يؤدي تلقائيًا إلى ارتفاع الطلب على الدولار من قبل المؤسسات الإسرائيلية، مما يضغط على الشيكل ويزيد من تراجعه أمام العملات الأجنبية.
الأسواق في حالة ترقب
على الرغم من أن خطة "مار-أ-لاغو" لا تزال قيد النقاش ولم يتم تنفيذها بعد، إلا أن مجرد الحديث عنها خلق حالة من القلق في الأسواق العالمية. وبدأ المحللون في وول ستريت ببحث مدى إمكانية تطبيق هذه الخطة، وتأثيرها المحتمل على الدولار وسوق العملات العالمية.