تشهد البوسنة والهرسك أزمة سياسية خطيرة تنذر بانفجار أمني غير مسبوق منذ نهاية الحرب الأهلية عام 1995، في ظل تصاعد التوترات بين الحكومة المركزية في سراييفو و"جمهورية صرب البوسنة"، الكيان الصربي شبه المستقل داخل البلاد، والذي يقوده الزعيم الانفصالي ميلوراد دوديك.
قوات مجرية دخلت سراً لحماية دوديك وتفادي اعتقاله
وبحسب صحيفة "الغارديان" البريطانية، كشفت مصادر أمنية ودبلوماسية أن وحدة نخبة من الشرطة المجرية، تضم حوالي 300 عنصر، دخلت إلى أراضي البوسنة والهرسك بملابس مدنية تحت غطاء "بعثة تدريب"، ثم ارتدت زيها الرسمي بمجرد وصولها إلى مدينة بانيا لوكا، عاصمة الكيان الصربي، وشرعت بتنفيذ عملية أمنية سرّية هدفها الأساسي حماية دوديك ومنع اعتقاله، رغم أنه مدان ومطلوب من القضاء البوسني.
دوديك، الذي أُدين مؤخرًا بتهمة انتهاك سلطة المفوض السامي الدولي المشرف على تنفيذ اتفاق دايتون، حُكم عليه بالسجن لعام واحد وبالحرمان من العمل السياسي لست سنوات. في أعقاب الحكم، أعلن أن "البوسنة لم تعد موجودة"، وأصدر تشريعًا يمنع مؤسسات الدولة من العمل في أراضي كيانه، ما يُعد تمردًا فعليًا على الدولة.
رئيس وزراء المجر، فيكتور أوربان، المعروف بمواقفه الشعبوية وتحالفاته مع روسيا، قدّم دعمًا غير مشروط لدوديك، ورفض التوجه الأوروبي لفرض عقوبات عليه، بل ذهب إلى حد إرسال قوة أمنية لحمايته. وقد تزامن دخول القوات مع الموعد الذي كان يفترض فيه تنفيذ أمر اعتقال دوديك.
الوضع الحالي هو "الأخطر منذ عام 1995"
في موازاة ذلك، أفادت تقارير بأن عائلة دوديك حاولت فتح قنوات تفاوض سرّية مع جهات غربية بشأن خروجه من المشهد السياسي مقابل ضمانات، ما يشير إلى إدراك داخلي بأن موقفه يزداد ضعفًا رغم خطاباته المتحدّية.
المحلل السياسي البوسني ياسمين مويانوفيتش وصف الوضع الحالي بأنه "الأخطر منذ عام 1995"، محذرًا من أن تفادي الانفجار يتطلب إما اعتقال دوديك أو خروجه من السلطة بطريقة سلمية. وفي نيسان/أبريل الماضي، فشل الأمن البوسني في اعتقاله بعد أن منعه حراسه في سراييفو الشرقية.
في ظل استمرار الدعم الروسي لدوديك ورفض المجر فرض عقوبات أوروبية عليه، تبقى آفاق الحلول محدودة. وإذا ما أيدت المحكمة العليا الحكم السابق بحقه في الصيف القادم، فقد يؤدي ذلك إلى انتخابات جديدة ربما تفتح الباب أمام قوى معارضة عابرة للانقسامات العرقية، لكن احتمال الانفجار الأمني يبقى قائمًا بشدة.