أثار قرار الحكومة الإسرائيلية اقتطاع 220 مليون شيكل من ميزانيات الخطة الخمسية المخصصة لتطوير المجتمع العربي، وتحويلها إلى جهاز الأمن العام "الشاباك" والشرطة، موجة انتقادات واسعة، في ظل إشادة علنية من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والوزيرين إيتمار بن غفير وماي غولان بالخطوة، باعتبارها جزءًا من جهود "مكافحة العنف والجريمة".
ويأتي القرار في وقت تتصاعد فيه الجريمة داخل المجتمع العربي، وسط مطالبات بتطبيق خطط شاملة تعالج الجذور الاجتماعية والاقتصادية للظاهرة، بدلًا من المسّ بالميزانيات المخصصة لسد الفجوات.
منصور عباس: القرار عنصري ويمسّ بجوهر الخطة الخمسية
هذا النهار مع سناء حمود ومحمد مجادلة
12:35
إشادة حكومية رغم الانتقادات
في بيان مصوّر مشترك، عبّر نتنياهو والوزيران بن غفير وغولان عن دعمهم لقرار الاقتطاع، معتبرين أن تحويل الأموال إلى الأجهزة الأمنية يشكّل خطوة ضرورية لتعزيز الأمن ومواجهة الجريمة، وهو ما قوبل برفض شديد من قيادات سياسية عربية.
منصور عباس: القرار عنصري ويمسّ بجوهر الخطة الخمسية
في تعقيبه على القرار، قال رئيس القائمة العربية الموحدة، الدكتور منصور عباس، في حديث مطوّل مع راديو الناس، إن الاقتطاعات لا علاقة لها بمكافحة الجريمة، بل تهدف إلى المسّ بحقوق المواطنين العرب وتعميق التمييز.
وأضاف عباس:"نرفض بشكل قاطع اقتطاع الموارد والميزانيات من الخطة 550، التي أُقرت أساسًا بهدف مركزي وواضح، وهو تقليص الفجوات بين العرب واليهود. هذا الاقتطاع يعني أن الدولة تعتمد سياسة معاكسة، سياسة زيادة الفجوات والتمييز والإجحاف والظلم والعنصرية ضد المجتمع العربي".
الموارد موجودة فلماذا المسّ بالخطة 550؟
وأوضح عباس أن الحكومة تمتلك بدائل واضحة لتمويل مكافحة العنف والجريمة دون المسّ بالخطة الخمسية، مشيرًا إلى وجود قرار حكومي موازٍ لذلك.
وقال:"هناك قرار حكومي قائم منذ عام 2023، وهو القرار 549، المخصص لمكافحة العنف والجريمة، وهو القرار الشقيق للخطة 550. الموارد موجودة فعلًا، ولا حاجة للمسّ بالميزانيات الاجتماعية والاقتصادية.
ولفت إلى أن جهات مهنية رسمية تشارك هذا الموقف، مضيفًا:"حتى بنك إسرائيل، المعروف بموقفه الحذر من الإنفاق، قال إن هناك مصادر أخرى يمكن من خلالها تمويل خطة جدية لمكافحة العنف والجريمة، وكذلك قسم الميزانيات في وزارة المالية".
اتهام مباشر لوزراء الحكومة
وحمّل عباس الوزيرين بن غفير وماي غولان مسؤولية الدفع نحو القرار، واصفًا خلفيته بالعنصرية.
وقال:"خلفية هذا التقليص عنصرية وتمييزية. هؤلاء وزراء لا يريدون خدمة المجتمع العربي، بل إلحاق الضرر به، لأنهم يعتقدون أن ذلك يعزز قوتهم السياسية".
وأضاف:"نحن أمام حكومة يوجد فيها عدد غير قليل من الوزراء، وجودهم في الأساس هو للإضرار بمصالح المجتمع العربي وتعطيل تنفيذ أي خطة تخدمه".
220 مليونًا اليوم والخطر الحقيقي بالمليارات
وأشار عباس إلى أن الاقتطاع الحالي ليس سوى مقدمة لمسّ أوسع بالخطة الخمسية، محذرًا من استهداف الميزانيات الكبرى في العام الأخير للخطة.
وأوضح:معظم الـ220 مليون شيكل مقتطعة من ميزانية عام 2025، والقليل من عام 2026. لكن عام 2026 هو العام الأخير للخطة، وكان من المفترض أن يُخصص فيه نحو خمسة مليارات شيكل للمجتمع العربي".
وأضاف:"جزء من هذه الأموال من ميزانيات الوزارات نفسها، ونحو مليارين ونصف شيكل موارد جديدة من وزارة المالية، وهناك خشية حقيقية من المسّ بهذه المبالغ وتحويلها لأهداف أخرى".
تحركات وضغوط داخلية ودولية
وعن الخطوات المتاحة لمواجهة القرار، قال عباس إن العمل يجري على عدة مسارات سياسية ومهنية ودولية.
وأضاف:"نقوم بتجنيد كل الجهات الممكنة للضغط، من رئيس الدولة، رغم محدودية صلاحياته، إلى سفراء دول ومنظمات دولية وجهات مهنية داخل الوزارات، إضافة إلى أدواتنا البرلمانية والإعلامية".
وأكد أن هذا الجهد يُبذل رغم إدراك صعوبته، قائلًا:"نحن نضغط ونواصل العمل، ليس لأننا نضمن النجاح، بل لأننا لا نملك رفاهية الاستسلام".
الحل سياسي ويوم الحساب آتٍ
وأردف عباس حديثه بالتشديد على أن جوهر الأزمة سياسي، معتبرًا أن التغيير الحقيقي مرتبط بالانتخابات.
وقال:الحل الحقيقي هو سياسي: أن تنتهي أيام هذه الحكومة. لا نستطيع إسقاطها قبل الانتخابات، لكن يوم الحساب سيأتي، وهو يوم الانتخابات.
وأضاف: ما نشهده اليوم هو حالة استنزاف يومية هدفها كسر إرادتنا، لكننا لن نسمح بذلك. المستفيد الوحيد من هذا الوضع هو بن غفير وماي غولان.
المشتركة وإعادة ترتيب الصفوف: النقاش مؤجّل حتى موعد الانتخابات
وفي ختام المقابلة، تطرّق رئيس القائمة العربية الموحدة، د. منصور عباس، إلى الجدل الدائر حول إعادة تشكيل القائمة المشتركة أو خوض الانتخابات المقبلة بقائمتين، مؤكدًا أن هذا النقاش سابق لأوانه في المرحلة الحالية.
وقال عباس: "كل الحديث الدائر اليوم حول مقاطعة أو معاقبة أو تشكيل قوائم قبل الإعلان الرسمي عن الانتخابات هو حديث غير مجدٍ. هذا النقاش يجب أن يتم في وقته الصحيح، قبيل تقديم القوائم، وليس الآن".
وأضاف:" نحن جرّبنا في الماضي، ولم ننجح. المطلوب اليوم هو ترتيب الصفوف الداخلية لكل حزب وحركة، وعندما يُعلن عن موعد الانتخابات نجلس معًا، إمّا للاتفاق على قائمة واحدة أو قائمتين، ونخرج بموقف واضح ومسؤول أمام مجتمعنا العربي".
وشدّد عباس على أن استمرار الخلافات الداخلية يخدم خصوم المجتمع العربي سياسيًا، قائلًا:"لماذا نستنزف أنفسنا ونصطدم ببعضنا البعض؟ من المستفيد من هذه الحالة غير بن غفير وماي غولان؟".
وختم بالقول:"يجب أن يكون النقاش عقلانيًا ومسؤولًا، لأن وحدة الصف أو الاتفاق على شكل التمثيل يجب أن يكون أداة قوة، لا ساحة صراع داخلي".

