تواجه بلدية الناصرة واحدة من أكبر الأزمات المالية في تاريخها، بعد أن كشفت المعطيات الرسمية عن العجز التراكمي 349 مليون شيكل، يتوزع بين 330 مليون شيكل في الميزانية العادية، التي تشمل المصاريف التشغيلية كدفع الرواتب وجمع القمامة، و19 مليون شيكل في الميزانية غير العادية المتلعقة بالتطوير والمشاريع. وتشير توقعات البلدية إلى أن حجم العجز حتى 30 يونيو 2025 قد يرتفع إلى 402 مليون شيكل، نتيجة التعاقدات السابقة، والديون المتراكمة، ونسبة التوظيف الكبيرة.
ووفقًا للتقرير المالي الذي أعدّه قسم المحاسبة في البلدية بالتعاون مع وزارة الداخلية، يتوزع العجز الحالي بين 330 مليون شيكل في ميزانية التشغيل والخدمات اليومية، و19 مليون شيكل في ميزانيات التطوير والمشاريع. كما تُظهر البيانات حجم ديونٍ عالية تتحملها البلدية، تشمل 150 مليون شيكل للبنوك، و147 مليون شيكل للمقاولين، و158 مليون شيكل مستحقات للموظفين.
لكن الأكثر إثارة في المعطيات المالية هو ملف الجباية؛ إذ تبيّن أن سكان الناصرة مدينون للبلدية بنحو ملياري شيكل من ضريبة الأرنونا المتراكمة على مدى سنوات طويلة، وهو ما تعتبره البلدية أحد أهم أسباب تفاقم الأزمة.
خطة "إشفاء" من مرحلتين
في ظل الوضع الراهن، أعلنت بلدية الناصرة عن خطة إنقاذ شاملة تهدف إلى وقف التدهور خلال عام 2025 ثم تصفير العجز وتحقيق الاستقرار المالي بحلول 2027.
المرحلة الأولى: حتى نهاية 2025
- وضع آليات قوية لتحصيل ديون الأرنونا.
- زيادة الإيرادات من أملاك البلدية والمشاريع الاقتصادية.
- إعادة تنظيم بنود المصاريف، خصوصًا الأجور التي وصلت إلى 242 مليون شيكل (53% من الدخل).
- تنفيذ اتفاقية مع نقابة العمال تنص على إقالة 226 موظفًا وتقليص الساعات الإضافية.
- مراجعة وتقليص الاتفاقيات القائمة بمقدار 20 مليون شيكل.
- إطلاق إجراءات عاجلة لتحسين خدمات جمع النفايات والمظهر العام.
المرحلة الثانية: 2026 – 2027
- القضاء على العجز وإطلاق ميزانية دون ديون.
- مشاريع تطوير واسعة في البنية التحتية والاقتصاد.
- تعزيز قدرات جباية الأرنونا ونقل القسم إلى موقع جديد وتدريب طواقمه.
- رفع قيمة الأرنونا تدريجيًا وتقليل الخصومات.
- تحويل ملفات الديون الكبيرة إلى محامين مختصين.
- زيادة الإيرادات من مواقف السيارات والخدمات المختلفة.
- تطوير الصناعات والمناطق التجارية ورفع مدخولات التعليم والرفاه.
ملف النظافة على رأس الأولويات
تُعد أزمة النفايات من أكثر الملفات تأثيرًا على الحياة اليومية للسكان. وتشمل خطط البلدية:
- شراء 8 شاحنات جديدة لجمع القمامة (تم استلام اثنتين).
- إلغاء الاتفاق مع المقاول الحالي وإطلاق مناقصة جديدة تعتمد على الرقابة الرقمية والدفع حسب الكمية المجمّعة.
- إضافة 1400 صندوق نفايات جديد.
- شراء ميزان لشاحنات النفايات لضمان الشفافية في حجم الجمع.
مشاريع تطوير ومقومات للنمو
إلى جانب الإصلاح المالي والإداري، تشمل خطة البلدية جملة من المشاريع المستقبلية:
- تطوير وتفعيل المناطق الصناعية شمال وجنوب المدينة.
- إعداد خطة لإقامة فنادق في جبل القفزة وتنشيط السياحة.
- تسويق أراضٍ تجارية في حي الجليل.
- مشروع تجديد عمراني ضخم على مساحة 180 دونمًا عند المدخل الجنوبي.
- التقدّم في مشروع إقامة جامعة في الناصرة.
- استثمار 70% من ميزانيات حكومية متوفرة بقيمة 242 مليون شيكل حتى نهاية 2026.
رؤية تتأرجح بين التحدي والأمل
تؤكد بلدية الناصرة أن الخطة الجديدة تمثل محاولة جدّية لفتح صفحة مالية وتنظيمية جديدة، بعد سنوات من التراكمات التي أرهقت ميزانيتها وشلّت تطورها. ورغم ضخامة الأرقام وصعوبة الإجراءات، ترى الإدارة البلدية أن المسار الإصلاحي المطروح قادر على انتشال المدينة من أزمتها، إذا ما توفرت الرقابة المهنية والتعاون الشعبي.
وبينما ينتظر آلاف السكان حلولًا ملموسة على الأرض، يبقى نجاح الخطة مرهونًا بقدرة البلدية على التحصيل والانضباط المالي، وبمستوى الثقة والدعم الذي ستحظى به من المواطنين والحكومة على حد سواء.


