في الثامن من أيّار، انتُخب الكاردينال الأميركي روبرت فرنسيس بريفوست بابا للكنيسة الكاثوليكية، ليصبح بذلك أوّل أميركي يتقلّد منصب الحبر الأعظم. البابا الجديد، الذي اختار اسم ليو الرابع عشر (Leo XIV)وُلِد في شيكاغو بولاية إلينوي الأميركية يوم 14 سبتمبر 1955، لعائلة ذات جذور فرنسية وإيطالية. بدأ مسيرته الأكاديمية بدراسة الرياضيات في جامعة فيلانوفا، حيث حصل على درجة البكالوريوس عام 1977، قبل أن يلحق برهبنة القدّيس أوغسطينوس ويُعلن نذوره الدائمة عام 1981.
حصل لاحقًا على درجة الماجستير في اللاهوت من الاتّحاد اللاهوتي الكاثوليكي في شيكاغو، ثم تابع دراسته في روما حيث نال دكتوراه في القانون الكنسي من جامعة القدّيس توما الأكويني، حيث تركّزت أطروحته حول "دور الرئيس المحلّي في رهبانية القديس أغسطينوس".
بعد رسامته كاهنًا في عام 1982، مضى بريفوست إلى بيرو عام 1985، حيث قضى أكثر من عقدين من الزمن في خدمة الكنيسة. تولّى عدّة مهام بينها التعليم والإدارة الرعوية؛ كما قاد المعهد الأوغسطيني الإكليريكي في تروخيو، ودرّس القانون الكنسي في المعهد الإكليريكي الأبرشي.
في عام 2014، عيّنه البابا فرنسيس مديرًا رسوليًا لأبرشية تشيكلايو، ليُرسم لاحقًا أسقفًا لها؛ بالإضافة إلى شغله منصب نائب رئيس وعضو المجلس الدائم لمؤتمر الأساقفة في بيرو، ومدبّرًا رسوليًا لأبرشية كاياو لفترة وجيزة.
عاد بريفوست إلى روما حيث عُيّن في يناير 2023 رئيسًا لمجمع الأساقفة، وهو الهيئة المسؤولة عن تقديم التوصيات لاختيار المرشحين لقيادة الكنائس ذات الطقس اللاتيني حول العالم؛ ثمّ لترقيته في سبتمبر 2023 لرتبة كاردينال.
عُرف عن البابا لاوون الرابع عشر أنه صوتٌ معتدل، مُؤمن بالحوار، ومنفتح على قضايا العدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان. يُجيد عدّة لغات، بينها الإنجليزية، الإسبانية، الإيطالية، الفرنسية، والبرتغالية، ما يسهّل عملية تواصله مع الكنيسة العالمية. إضافةً إلى ذلك، فإنّه من مؤيّدي استمرار إصلاحات البابا فرنسيس، خاصّةً فيما يتعلّق بقضايا المهاجرين والفقراء والبيئة؛ حيث لم يتردّد في انتقاد سياسات الهجرة الأمريكية، ودعا إلى تبنّي نهج أكثر إنسانية.
ورغم خلفيّته الأميركية، التي لطالما أثارت التحفظات داخل المجمع البابوي، إلّا انّ سنوات خدمته الطويلة في أمريكا اللاتينية جعلته خيارًا مقبولًا أكثر في أعين الكرادلة الناخبين.
عقب انتخابه، خاطب البابا الجديد حشود المؤمنين في ساحة القديس بطرس قائلًا: "السلام معكم جميعًا... فلنسر معًا، دون خوف، يدًا بيد، لنبني الجسور بالحوار، باللقاء، بالوحدة، لكي نكون شعبًا واحدًا". ولم ينسَ البابا فرنسيس في تحيّته، مؤكّدًا انّ الأخير ترك إرثًا عظيمًا من الانفتاح والتواضع، على حدّ تعبيره.
وبينما تدخل الكنيسة الكاثوليكية مرحلة جديدة، يتولى البابا لاوون الرابع عشر القيادة محمّلًا بإرث من التقاليد وتجربة طويلة في الإصلاح، وسط توقعات بأن يواصل نهج الانفتاح والحوار الذي طبع السنوات الأخيرة.