السرعة القصوى 30 كليومترا: هكذا انخفضت حوادث السير في تل أبيب

مدينة تل أبيب تشهد مساراً مختلفاً مع انخفاض مستمر في أعداد الوفيات بسبب انخفاض السرعة في الشوارع

1 عرض المعرض
ازدحامات مرورية
ازدحامات مرورية
ازدحامات مرورية
(Yehoshua Yosef/Flash90)
رغم أن معدلات حوادث السير الخطيرة في البلاد سجلت أرقاماً قياسية في السنوات الأخيرة، إلا أن مدينة تل أبيب تشهد مساراً مختلفاً مع انخفاض مستمر في أعداد الوفيات. ففي عام 2021، توفي في المدينة 20 شخصاً وأصيب 203 بجروح خطيرة و1485 بإصابات طفيفة نتيجة حوادث السير، بينما انخفضت الأرقام في عام 2024 إلى 14 قتيلاً، و189 مصاباً بجروح خطيرة، و513 مصاباً بجروح طفيفة، وفقًا لموقع غلوبس، في وقت كانت فيه بقية أنحاء البلاد تمر بعام دموي على صعيد حوادث السير.
يعزو مسؤولو بلدية تل أبيب هذا التراجع إلى برنامج شامل لخفض سرعة المركبات في شوارع المدينة، حيث أصبحت السرعة القصوى في 72% من شوارع تل أبيب محددة بـ30 كيلومتراً في الساعة. وتهدف البلدية إلى توسيع هذا البرنامج ليشمل معظم شوارع المدينة باستثناء نحو 20 محوراً رئيسياً ستبقى فيها السرعة أعلى.
وبحسب موقع غلوبس، تعتمد بلدية تل أبيب في تنفيذ هذا المشروع على مزيج من الأدوات، إذ لا تقتصر الجهود على وضع لافتات مرورية فحسب، بل تشمل أيضاً تغييرات في تصميم الطرق مثل توسيع مسارات الدراجات الهوائية على حساب عرض الشوارع، ووضع مطبات لتقليل سرعة السيارات بشكل قسري. فبحسب الأبحاث، تبين أن اللافتات التحذيرية وحدها لا تكفي لإبطاء السائقين، بل إن التصميم الهندسي للشوارع يلعب الدور الأساسي في فرض السرعات المنخفضة، حيث تجبر الشوارع والممرات الضيقة السائقين على تقليل السرعة بشكل طبيعي، وهو ما تسعى تل أبيب لاعتماده بشكل تدريجي.
ووفقاً لدراسة أجرتها “السلطة الوطنية للأمان على الطرق” عام 2020، فإن زيادة متواضعة في سرعة القيادة بمقدار 5 كيلومترات في الساعة بين 30 و40 كيلومتراً قد تؤدي إلى ارتفاع بنسبة 70% في حوادث السير المميتة.
وتبرهن الأرقام على ذلك، فعند السير بسرعة 30 كيلومتراً في الساعة يحتاج السائق لمسافة 14 متراً حتى يتوقف تماماً بعد الضغط على المكابح، بينما تتضاعف هذه المسافة إلى 27 متراً عند القيادة بسرعة 50 كيلومتراً في الساعة. هذا الفارق يمكن أن يكون حاسماً في نوع الحادث، إن كان مجرد اصطدام خفيف أم حادث مميت.
وقد أوضح ميتال لافي، المسؤولة عن المواصلات في بلدية تل أبيب، في حديثها مع موقع غلوبس أن هذا البرنامج جزء من خطة طموحة لتحقيق “صفر” ضحايا في حوادث الطرق. وأشارت إلى أن المشروع انطلق أولاً في وسط المدينة وجرى توسيعه لاحقاً إلى الأحياء الشمالية منها. ولفتت إلى أن مشاركة السكان كانت مفاجئة من حيث التأييد، إذ أبدى كثيرون استعدادهم لدعم خفض السرعات حتى في المناطق المعتمدة أكثر على السيارات الخاصة.
مع ذلك، تواجه الخطط المماثلة تحديات عديدة خارج تل أبيب، فبحسب الدكتور يودن روف، أستاذ التخطيط الحضري في جامعة بن غوريون، الذي تحدث أيضًا لموقع غلوبس، فإن معظم مدن البلاد الأخرى لم تنفذ إجراءات مماثلة رغم مرور أكثر من 20 عاماً على صدور التعليمات الرسمية بهذا الشأن.
ويشير روف إلى أن مشكلة البنية التحتية في البلاد تكمن في طبيعة المدن الحديثة ذات الشوارع الواسعة والمفتوحة التي تشجع تلقائياً على القيادة السريعة حتى عندما تكون السرعة القانونية منخفضة، بخلاف النماذج الأوروبية التي سبقت إسرائيل بسنوات في تطبيق هذه السياسات.