رغم أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ووزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، يدفعان منذ أشهر نحو خيار إعادة احتلال قطاع غزة، إلا أن وزارة المالية لم تُعدّ حتى الآن أي تقدير اقتصادي أو حساب لتكاليف هذا السيناريو، حسب ما كشفته صحيفة "كالكاليست" الاقتصادية.
غياب تقدير رسمي واستبعاد من قبل الجيش
وبحسب ما نقلت الصحيفة عن مصادر في وزارة المالية، فإن السبب وراء غياب التقديرات هو أن "الجيش لا يرى أن الموضوع مطروح على الطاولة". حتى اللحظة، لا يعمل أي قسم في وزارة المالية على إعداد تقدير للسيناريو، رغم أن الفكرة تُطرح منذ أكثر من ثلاثة أشهر كبديل محتمل في أروقة الحكومة. وتشير المصادر إلى أن الجيش، بما في ذلك رئيس الأركان الحالي، إيال زمير، يعارض هذا الخيار، وهو ما يفسر غياب التنسيق المالي والإداري بخصوصه.
تقديرات بحثية مستقلة تُظهر كلفة هائلة
من جهة أخرى، نشر "معهد أبحاث الأمن القومي" INSS، دراسة أعدها د. عوفر غوترمان وشارك فيها الاقتصادي البارز بروفيسور أستيبان كلور، تشير إلى أن كلفة الاحتلال تشمل جانبين رئيسيين: الكلفة العسكرية التي تتراوح بين 20 إلى 25 مليار شيكل سنويًا، لتغطية نفقات الجيش والاحتياط؛ وكلفة تشغيل البنية التحتية والخدمات المدنية في القطاع، التي قد تصل إلى 10 مليارات شيكل سنويًا. وبذلك، يبلغ إجمالي الكلفة المتوقعة للاحتلال نحو 35 مليار شيكل سنويًا، أي ما يعادل 1.5% إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل.
الاقتصاد الغزي منهار ومصادر التمويل مفقودة
توضح الدراسة أن الظروف الاقتصادية في غزة لا تسمح باعتماد الإدارة المدنية الإسرائيلية المفترضة على مداخيل محلية، على عكس ما كان عليه الوضع قبل الانسحاب عام 2005، حيث ساهمت الضرائب المحلية حينها بجزء من الميزانية. وتشير التقديرات إلى أن الناتج المحلي في غزة تقلص بنسبة 86% عام 2024، مع انهيار شبه كامل للقطاع الخاص وبلوغ نسبة البطالة نحو 80%.
وزارة الأمن تُجري حسابات أولية... ولكن
تشير مصادر الصحيفة إلى أن وزارة الأمن طلبت مؤخرًا تقديرات من مؤسسات مختلفة، من بينها بنك إسرائيل. وقدرت هذه الجهات الكلفة السنوية للاحتلال بـ25 مليار شيكل، لكن التقرير يلفت إلى أن هذه التقديرات غير دقيقة وتعتمد على نماذج لدول صغيرة وغير متقدمة، ما قد لا يعكس الواقع الفعلي في غزة.
صمت رسمي وتكلفة بلا مموّل
ورغم خطورة الخيار الذي تدرسه الحكومة، لا يوجد أي تخطيط مالي جاد أو طلب رسمي لإعداد تقدير من قبل وزير المالية. وتشير "كالكاليست" إلى أن سموتريتش لا يرغب على ما يبدو بنشر مثل هذا التقدير، الذي قد يؤدي إلى عرقلة المشروع سياسيًا بسبب كلفته الباهظة وانعكاساته على الاقتصاد الإسرائيلي.