قدّم تطبيق «غوغل ديسكوفر» ميزة جديدة تعرض للمستخدمين ملخصات موجزة للمقالات، ما يتيح لهم الاطلاع على المحتوى دون الحاجة للنقر على الروابط وقراءة النص الكامل. هذا التوجه أثار قلق الناشرين من تراجع الزيارات المباشرة القادمة من «غوغل»، إضافة إلى مخاوف أخرى تتعلق بدقة هذه الملخصات، خاصةً مع احتمال الاعتماد على الذكاء الاصطناعي.
حتى الآن، يتم إعداد هذه الملخصات من خلال أداة «غوغل نيوز شوكايس» (Google News Showcase)، التي تتيح للناشرين المساهمة بمحتواهم بشكل مخصص لمنتجات «غوغل». غير أن الشركة أعلنت مطلع يونيو الجاري أنها بدأت اختبار ميزة تلخيص القصص في «غوغل ديسكوفر» باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي، ما قد يؤدي إلى تراجع كبير في نسبة النقرات القادمة من التطبيق.
تجدر الإشارة إلى أن «غوغل ديسكوفر» -الذي يعمل على الهواتف المحمولة فقط- يعد اليوم مصدراً رئيسياً للزيارات المباشرة للمواقع الإلكترونية، لا سيما في ظل تراجع الإحالات من وسائل التواصل الاجتماعي. وأشار تقرير لمعهد «نيمان لاب» إلى أن «غوغل ديسكوفر» قد يصبح المصدر الأهم للزيارات لدى العديد من الناشرين.
من جانبه، أعرب مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات وسائل التواصل الاجتماعي، عن شكوكه في دقة تلخيصات الذكاء الاصطناعي. وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الذكاء الاصطناعي يختار المعلومات الأنسب وفقاً للمدخلات التي يطلبها منه المستخدم، ما يثير تساؤلات حول دقة التلخيص ومدى أهمية النقاط التي يبرزها، إذ قد يهمل نقاطاً جوهرية دون إدراك للسياق الكامل للقصة». وأشار كيالي إلى أن احتمالية الخطأ قد تصل إلى النصف تقريباً، مؤكداً ضرورة تدخل بشري لضمان دقة التلخيص وعدم الإخلال بالمعنى الأصلي. كما اعتبر أن «غوغل» بخطوتها هذه تزيد من هيمنة المحتوى وتهمش حقوق الناشرين، مضيفاً: «الناشرون يواجهون أزمة جديدة يصعب حلها حالياً، لكن من المهم الضغط من أجل معالجة قضايا حقوق النشر مستقبلاً».
كما لفت كيالي إلى غياب آلية واضحة للناشرين لتقديم الشكاوى أو طلب التعديلات إذا ما أخطأ «غوغل ديسكوفر» في عرض الملخصات.
في السياق نفسه، تأتي هذه التطورات في وقت تختتم فيه وزارة العدل الأميركية دعواها لمكافحة الاحتكار ضد «غوغل»، التي قد تفرض قيوداً على توسع الشركة في منتجاتها المعتمدة على الذكاء الاصطناعي. وكان قاضٍ فيدرالي قد أشار في العام الماضي إلى احتكار «غوغل» لسوق البحث.
من جانبها، وصفت دعاء مدحت، الصحافية المصرية المتخصصة في الذكاء الاصطناعي وصناعة المحتوى، ما تقوم به «غوغل» بأنه «انتهاك واضح لحقوق الناشرين». وأوضحت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «رغم إظهار (غوغل) للرابط الأصلي للمحتوى، فإن القارئ عادة ما يتجاهله، مكتفياً بالنقاط الأساسية للخبر». واعتبرت أن هذه الممارسة غير قانونية، لأنها تجري من دون موافقة مباشرة من الناشرين، كما لا تشمل أي اتفاق على مشاركة الإيرادات الناتجة من استخدام هذا المحتوى، ما يهدد بانخفاض كبير في زيارات المواقع الأصلية.
أما فيما يخص تعامل المؤسسات الإعلامية مع هذا التحول، رأت مدحت أن «الناشرين يجب أن يدركوا أن عصر الاعتماد على عدد الزيارات يوشك على الانتهاء، في ظل تغيّر سلوك القراء الذين أصبحوا يفضلون الحصول على المعلومات بسرعة ولا يستهويهم التنقل بين المواقع أو قراءة النصوص الطويلة».