هل تسمعني الآن؟ النساء يسمعن أفضل، وسكّان القرى أيضًا

تساهم هذه الدراسة في تغيير فهمنا لطبيعة السمع، وتوضح كيف يمكن للبيئة والثقافة وحتى الهوية الجندرية، أن تشكّل الطريقة التي نسمع بها العالم من حولنا

راديو الناس|
دراسة دولية جديدة نشرتها مجلّة Scientific Reports، تكشف عن فروقاتٍ لافتة في قدرة السمع لدى النساء مقارنةً بالرجال، ولدى سكّان القرى مقابل سكّان المدن. والنتيجة – النساء يسمعن أفضل، وسكّان الريف يتمتّعون بسمع أنقى.
قاد الدراسة فريقٌ من الباحثين من مركز الأبحاث في تولوز، فرنسا، ومن جامعة باث البريطانية، باستخدام تقنية متطوّرة تُعرف بـ TEOAE. هذه التقنيّة تقيس النشاط الكهربائي داخل قوقعة الأذن، المسؤولة عن تحويل الأصوات إلى إشارات تصل إلى الدماغ، وذلك من خلال تتبّع كيفيّة استجابتها للإشارات السمعية المختلفة.
وقد شارك في الدراسة حوالي 450 شخصًا من 13 ثقافة مختلفة حول العالم، خضعوا خلالها لفحوصات سمع دقيقة أظهرت أن النساء يتمتّعن بقدرة أكثر حساسية على السمع مقارنةً بالرجال. ورغم انّ الفارق 2 ديسيبيل، وهو فارق صغير، إلّا انّه يُعدّ فارقًا واضحًا من الناحية الإحصائية، وكان ثابتًا لدى جميع المجموعات السكانية التي شملتها الدراسة.
إضافةً إلى ذلك، وجد الباحثون أنّ للبيئة تأثيرٌ كبير على القدرات السمعيّة للبشر. فمثلًا، أظهر سكّان الغابات قدرة أكثر حدّة على السمع من أولئك الذين يعيشون في المدن أو في المناطق الجبليّة. وقد يعود ذلك، وفقًا للدراسة، إلى كون البيئة الطبيعية غنيّة بالأصوات غير البشرية، ما يجعل الإنسان يصبح أكثر يقظة للأصوات المحيطة به.
والمفاجأة – حتى لغة الإنسان الأم التي ينشأ على سماعها، قد تؤثّر على حدّة سمعه. أظهرت الدراسة أنّ المتحدّثين بلغات افريقية يتمتّعون بقدرة سمعية أعلى مقارنة بالمتحدثين بلغات أخرى، ويُعتقد أن السبب يعود إلى غنى هذه اللغات بأصوات غير مألوفة، مثل الطقطقة او النقرات الفمويّة –ما يمرّن الأذن على التمييز الصوتي الدقيق منذ الصغر.
د. ياعيل شفيرا-غليتس، نائبة مدير قسم الأنف والأذن والحنجرة في مستشفى "كابلان"، أشارت إلى أن هذه الدراسة تساهم في تغيير فهمنا لطبيعة السمع، وتوضح كيف يمكن للبيئة والثقافة وحتى الهوية الجندرية، أن تشكّل الطريقة التي نسمع بها العالم من حولنا. وأضافت، أنّ "الدماغ لا يكتفي باستقبال المعلومات من الأذن، بل له تأثيرٌ مباشر على طريقة عملها"؛ وهذا ما يجعل السمع تجربة معقّدة ومُكتسبة إضافةً إلى كونه "وظيفة فيزيولوجية".