قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي، خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الفنزويلي إيفان جيل اليوم الأربعاء، إن الصين تعارض بشكل قاطع أسلوب "الترهيب الأحادي" وتدعم الدول في حماية سيادتها ومصالحها المشروعة، مشددًا على أن العلاقة بين بكين وكاراكاس تقوم على شراكة استراتيجية راسخة وثقة متبادلة، وهي تقليد متجذر في العلاقات الثنائية بين البلدين.
وجاء هذا التصريح في وقت تكثف فيه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضغوطها على فنزويلا، حيث أصدر ترامب أمس الثلاثاء أمرًا بفرض "حصار" كامل يمنع جميع ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات الأمريكية من الدخول أو الخروج من فنزويلا، في محاولة لاستهداف مصدر الدخل الرئيسي لحكومة الرئيس نيكولاس مادورو وزيادة الضغط عليها.
وقال ترامب في منشور عبر موقعه "تروث سوشيال": "بسبب سرقة أصولنا والعديد من الأسباب الأخرى، بما في ذلك الإرهاب وتهريب المخدرات والاتجار بالبشر، تم تصنيف النظام الفنزويلي منظمة إرهابية أجنبية. لذلك، آمر اليوم بفرض حصار تام وكامل على جميع ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات المتجهة إلى فنزويلا والخارجة منها."
وأثارت هذه الخطوة تساؤلات حول كيفية تنفيذ الإدارة الأمريكية لهذا الحصار، لا سيما فيما إذا كانت ستستخدم خفر السواحل لاعتراض السفن كما فعلت الأسبوع الماضي، وسط تعزيز عسكري ملحوظ في منطقة الكاريبي تضمن نقل آلاف الجنود ونحو 12 سفينة حربية، من بينها حاملة طائرات.
في المقابل، ردّت حكومة فنزويلا في بيان رسمي على هذا الإعلان، معربة عن رفضها التام لما وصفته بـ"التهديد الغريب للغاية" الذي وجهه الرئيس ترامب.
وقد انعكس إعلان الحصار على أسواق النفط، حيث ارتفعت العقود الآجلة للخام الأمريكي بأكثر من واحد بالمئة في التداولات الآسيوية، مع توقعات بتراجع صادرات النفط الفنزويلية بسبب الإجراءات الجديدة، رغم عدم وضوح تفاصيل تطبيق الحصار وامتداده المحتمل ليشمل ناقلات غير خاضعة للعقوبات.
ومنذ الأيام القليلة الماضية، بعد احتجاز الولايات المتحدة لناقلة نفط خاضعة للعقوبات قبالة السواحل الفنزويلية، فضل العديد من الناقلات البقاء في المياه الإقليمية لفنزويلا تجنبًا للمخاطرة، ما أدى إلى انخفاض حاد في صادرات النفط الخام، تفاقم بسبب هجوم إلكتروني أدى إلى تعطيل أنظمة شركة النفط الحكومية.
ويُذكر أن سوق النفط العالمي يشهد حالياً وفرة في الإمدادات، حيث توجد ملايين البراميل على متن ناقلات تنتظر التفريغ، خصوصًا قبالة سواحل الصين، لكن استمرار الحصار لفترة طويلة قد يؤدي إلى فقدان ما يقرب من مليون برميل يومياً من إمدادات الخام، ما قد يرفع الأسعار بشكل ملحوظ.
وعلى الصعيد القانوني، أشارت باحثة القانون الدولي إيلينا تشاتشكو إلى أن الحصار يمثل اختبارًا جديدًا للسلطة الرئاسية الأمريكية، مع وجود تساؤلات جدية حول شرعيته على الصعيدين الداخلي والدولي، مشيرة إلى أن الحصار يُعتبر تقليديًا أداة حرب تُفرض بشروط صارمة فقط.
وأدان النائب الديمقراطي خواكين كاسترو الحصار واصفًا إياه بأنه "عمل حربي بلا شك"، مشيرًا إلى أن الحرب لم يقرها الكونغرس الأمريكي ولا يحظى بدعم الشعب.
وتشهد فنزويلا تصاعدًا في التوترات بسبب هذه الإجراءات، إذ تزامن ذلك مع تحركات أمريكية مكثفة في منطقة الكاريبي تضمنت أكثر من عشرين غارة عسكرية على قوارب في المحيط الهادئ والبحر الكاريبي، ما أسفر عن مقتل عشرات الأشخاص.
وكان مادورو قد حذر من نوايا واشنطن، مؤكدًا أن الحشد العسكري الأمريكي يهدف إلى الإطاحة بحكومته والسيطرة على موارد النفط في الدولة التي تمتلك أكبر احتياطيات نفطية في العالم ضمن منظمة أوبك.
وقال مادورو في تصريحات أدلى بها أمس الثلاثاء قبل إعلان ترامب: "الإمبريالية واليمين الفاشي يريدان استعمار فنزويلا للاستيلاء على ثرواتها من النفط والغاز والذهب وغيرها من المعادن. لقد أقسمنا على الدفاع عن وطننا، وسيسود السلام في فنزويلا."




