في ظل حلول العطلة الصيفية وغياب العديد من الأطر الرسمية التي تُعنى باحتواء الأطفال وأبناء الشبيبة، تبرز المخيمات الصيفية كخيار شبه وحيد أمام العائلات، لا سيّما العاملة منها، لتأمين بيئة آمنة ومليئة بالفعاليات لأبنائها. غير أنّ هذا الخيار بات عبئاً مادياً يفوق قدرة كثير من الأسر، ما أثار موجة من الغضب والاستياء، انعكست في الآونة الأخيرة على وسائل التواصل الاجتماعي.
شهادات: مبالغ خيالية
وتشير شهادات أولياء الأمور، خصوصاً الأمهات العاملات، إلى أن أسعار المخيمات الخاصة هذا العام بلغت مستويات غير مسبوقة، حيث طُلب من إحدى الأمهات، ولديها ثلاثة أطفال، مبلغ يقارب 9500 شيكل لقاء مخيم لا تتجاوز مدته أسبوعين، ما يعادل بل ويتجاوز في بعض الأحيان راتباً شهرياً كاملاً.
وفي هذا السياق، عبّرت إحدى الأمهات خلال مقابلة لراديو الناس عن استيائها من غياب الرقابة الرسمية على أسعار هذه المخيمات، قائلة: "المشكلة لم تعد في كون هذه الأطر رفاهية، بل أصبحت ضرورة أساسية لتمكين الأهل من الاستمرار في وظائفهم. إلا أن النظام التعليمي لا يتماشى مع متطلبات سوق العمل، إذ يقضي الأطفال شهرين في المنزل، فيما لا يتيح سوق العمل إمكانية الإجازة لهذه المدة".
فراغ كبير للأطفال
أم لـ3 أطفال: مبالغ خيالية لقاء الاشتراك بالمخيمات الخاصة
هذا النهار مع عفاف شيني
07:07
وأوضحت الأم أن المخيمات الممولة من الجهات الرسمية - إن وجدت - تغطي بالكاد الأسابيع الثلاثة الأولى من العطلة، لتترك فراغًا كبيرًا خلال الأسابيع المتبقية، ما يدفع الأهالي نحو المخيمات الخاصة رغم تكلفتها الباهظة. وأضافت: "هناك غلاء معيشة نعم، ولكن الأسعار المطلوبة لا تتناسب أبدًا مع الخدمة المقدمة، وهي تضع الأهل في موقع العجز والإرهاق المادي".
كما دعت الأم إلى ضرورة فرض رقابة على أسعار المخيمات الخاصة، وعدم ترك المجال مفتوحًا لكل من يرغب بتنظيم مخيم أن يضع الأسعار التي يراها مناسبة لمصلحته، دون مراعاة للواقع الاقتصادي للأسر. ووجهت رسالة إلى منظّمي هذه المخيمات قالت فيها: "ضعوا أنفسكم مكان الأمهات اللواتي يعملن لتأمين دخل لا يتجاوز ستة آلاف شيكل، ثم تُطلب منهن مبالغ تفوق التسعة آلاف مقابل أسبوعين فقط".
وتعكس هذه الشهادة صوت شريحة واسعة من أولياء الأمور الذين يطالبون بمزيد من التدخل من قبل المؤسسات الرسمية، سواء عبر توسيع الأطر الممولة أو عبر مراقبة أسعار المخيمات الخاصة، لضمان حق الأطفال في عطلة آمنة وممتعة، دون أن تتحول إلى عبء لا يُحتمل على أسرهم.
صفدي: الوزارة توفر بدائل
في ظل الانتقادات المتزايدة من أولياء الأمور حول الارتفاع الحاد في تكاليف المخيمات الصيفية للأطفال، أكّد جلال صفدي، مدير إدارة المجتمع والشباب في وزارة المعارف، أنّ الوزارة توفر بدائل ممولة وذات جودة عالية في جميع البلدات العربية، داعيًا الأهالي للاستفادة منها بدلًا من اللجوء إلى المخيمات الخاصة ذات التكاليف المرتفعة.
وفي مقابلة لراديو الناس، أعرب صفدي عن تفهّمه الكامل لمعاناة الأهالي، لا سيّما الأمهات العاملات، مؤكدًا أن "الوزارة تدعم مخيمات صيفية رسمية بتكلفة رمزية لا تتعدى 25 شيكلًا للطالب، وتشمل فعاليات لمدة 21 يومًا"، مشيرًا إلى أن هذه الأطر تشمل نحو 750 ألف طالب من رياض الأطفال وحتى الصف الثالث، من بينهم أكثر من 150 ألفًا من المجتمع العربي.
جلال صفدي: هناك مخيمات رسمية وتمت المصادقة على 67 منها
هذا النهار مع عفاف شيني
07:09
تمت المصادقة على 67 مخيما صيفيا
وأضاف صفدي أنّ المخيمات الممولة تُقام بإشراف السلطات المحلية، وبدعم كامل من وزارة المعارف، وقد تمّت المصادقة على المخيمات في 67 سلطة محلية عربية وبَدوية، على أن تبدأ فعالياتها في الأول من تموز وتستمر حتى 21 من الشهر ذاته، ليعقبها انطلاق مخيمات بلدية مخصصة للطلاب الأكبر سنًا وأبناء الشبيبة.
ورغم هذا الدعم، أشار صفدي إلى إشكالية المخيمات الخاصة، قائلاً: "نحن في الوزارة نمنح التراخيص فقط، لكننا لا نملك الصلاحية القانونية للرقابة على الأسعار. هذا فراغ تنظيمي نأمل في معالجته مستقبلًا." وأوضح أن هدف العديد من المخيمات الخاصة هو الربح، ما يزيد العبء المالي على العائلات، داعيًا الأهالي إلى التحقق من وجود ترخيص رسمي للمخيم قبل تسجيل أطفالهم.
وختم صفدي بالتأكيد على أن الوزارة مستعدة لمرافقة الأهالي وتوجيههم نحو الأطر المناسبة من خلال مديري وحدات الشبيبة في السلطات المحلية، مشيرًا إلى أهمية التواصل المباشر مع الوزارة عند الحاجة. كما حثّ الأهالي على توخي الحذر فيما يتعلق بسلامة الأطفال، قائلاً: "لا تُسجلوا أبناءكم في أي مخيم قبل التأكد من أنه مرخّص من قبل السلطة المحلية ووزارة المعارف".
First published: 16:03, 30.06.25