تدرس إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، خيارات متعددة لعمل عسكري محتمل في فنزويلا، من بينها شنّ هجمات على وحدات الجيش التي تحمي الرئيس نيكولاس مادورو، أو السيطرة على حقول النفط في البلاد، وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز نقلا عن مسؤولين أميركيين، اليوم (الاثنين).
ورغم أن ترامب لم يتخذ بعد قرارًا نهائيًا، فإن عدداً من كبار مستشاريه يدفعون باتجاه الخيار الأكثر جرأة وهو الإطاحة بمادورو. وأشار المسؤولون إلى أن الرئيس الأميركي متردد في تنفيذ عمليات قد تعرّض القوات الأميركية للخطر أو تنتهي بفشل محرج، لكنه في الوقت نفسه يبحث عن مبررات قانونية تتيح له المضيّ في عمل عسكري دون الحاجة لموافقة الكونغرس.
وذكرت مصادر أن وزارة العدل تعمل على إعداد مذكّرة قانونية تعتبر مادورو وقيادات أمنه جزءًا من "كارتيل دي لوس سوليس"، ما قد يتيح استهدافه باعتباره "رئيس عصابة إجرامية" لا رئيس دولة.
وتمتنع الوزارة عن التعليق، لكن هذا المسعى يُنظر إليه كخطوة جديدة لتوسيع صلاحيات الرئيس في شنّ عمليات عسكرية دون تفويض تشريعي، على غرار ما حدث في عمليات قتل مهربي مخدرات عبر الطائرات المسيّرة في البحر الكاريبي والمحيط الهادئ.
وفي مقابلة تلفزيونية الأحد، قال ترامب إن واشنطن "تعاملت معها فنزويلا بشكل سيئ، ليس فقط في ملف المخدرات"، مكرّرًا اتهامه بأن مادورو أطلق سراح مجرمين وأعضاء من عصابة "ترين دي أراغوا" وأرسلهم إلى الولايات المتحدة. وردًا على سؤال عمّا إذا كانت أيام مادورو في الحكم معدودة، أجاب: "أعتقد ذلك، نعم".
ويحظى الخيار العسكري بدعم وزير الخارجية ماركو روبيو ومستشار الأمن القومي بالإنابة ستيفن ميلر، اللذين يعتبران –وفق مسؤولين– أن إسقاط مادورو ضرورة ملحّة. لكن ترامب، المعروف بتجنّبه خوض حروب طويلة، يخشى فشل العملية أو تعرّض الجنود الأميركيين للخطر، وقد تساءل أكثر من مرة عمّا يمكن أن "تحققه" واشنطن في المقابل، خصوصًا بشأن الاستفادة من النفط الفنزويلي.
استعراض قوة أميركي في الكاريبي
ومنذ أواخر أغسطس/آب، نشرت الولايات المتحدة نحو عشرة آلاف جندي في الكاريبي، وأرسلت القاذفات الإستراتيجية "بي-52" و"بي-1" إلى سواحل فنزويلا في استعراض قوة، بينما يستعدّ أكبر حاملة طائرات أميركية "جيرالد فورد" لدخول المنطقة هذا الشهر.
ويبدو أن التصعيد الأميركي جزء من حملة ضغط نفسي على مادورو، خصوصًا بعد أن كشف ترامب علنًا عن تفويضه لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي إيه) بتنفيذ عمليات سرية داخل فنزويلا، في خطوة نادرة لم يسبق لرؤساء أميركيين إعلانها مسبقًا.
ثلاثة سيناريوهات للخطط الأميركية
وتتوزع الخطط الأميركية بين ثلاثة سيناريوهات: الأول يتضمن ضربات جوية على منشآت عسكرية لإضعاف دعم الجيش لمادورو؛ والثاني إرسال وحدات خاصة لاعتقاله أو قتله، بزعم أنه زعيم "عصابة مخدرات" وليس رئيس دولة؛ أما الثالث فيشمل السيطرة على المطارات وبعض حقول النفط، وهو الأكثر تعقيدًا وخطورة.
ويبدو أن النفط يشكّل جوهر الاهتمام الأميركي؛ فترامب يركّز على كيفية الاستفادة من الاحتياطات الهائلة لفنزويلا، التي تُعدّ الأكبر في العالم. وقد عرض مادورو في الأشهر الأخيرة امتيازات نفطية كبيرة للشركات الأميركية، مقابل تخفيف الضغوط، لكن واشنطن رفضت العرض، وتسارعت بعد ذلك التحضيرات العسكرية.
مخاطرة سياسية وعسكرية
وفي الوقت ذاته، تعمل وزارة العدل على إعداد المبررات القانونية لأي عمل عسكري، مستندة إلى سابقة اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني عام 2020، حين أقرّ البيت الأبيض أن استهدافه لا يُعدّ "إعلان حرب"، بل "عملاً دفاعيًا مشروعًا".
ويحذر مراقبون من أن أي هجوم على فنزويلا سيشكل مخاطرة سياسية وعسكرية كبيرة، خاصة إذا فشلت واشنطن في فرض نظام جديد موالٍ لها بعد إسقاط مادورو.
لكن في محيط الرئيس، تتعالى أصوات تطالبه بعدم التردد، معتبرة أن إسقاط مادورو سيكون "إنجازًا تاريخيًا" يكمل وعوده بإنهاء "تهديد المخدرات" في نصف الكرة الغربي.



