ارتفع عدد ضحايا جرائم القتل في المجتمع العربي إلى 177 قتيلاً منذ بداية العام، في ظل تصاعد غير مسبوق للعنف والجريمة المنظمة. آخر هذه الجرائم وقعت مساء أمس في بلدة كفر ياسيف، حيث قُتل الشاب محمود خطيب (42 عامًا) من مجد الكروم طعنًا خلال شجار، لتنضم هذه المأساة إلى سلسلة جرائم شهدتها بلدات عسفيا، رهط وجسر الزرقاء في الأيام الأخيرة.
"الله أخذ مني اثنين" – شهادة أم ثكلى تكشف حجم المأساة في المجتمع العربي
هذا النهار مع شيرين يونس وفراس خطيب
08:58
شهادة أم ثكلى: "أخذوا مني ابني، دمّروني"
في حديث خاص لراديو "الناس"، روت بشرى عماش، والدة الضحية عماد عماش الذي قُتل نهاية الأسبوع، تفاصيل الألم الذي تعيشه عائلتها. كلماتها المليئة بالوجع عكست حجم الفاجعة الإنسانية التي تتكرر في كل بيت ثُكل بولده:"الحمد لله على كل حال، ماذا أقول؟ ابني لم يؤذِ أحدًا. كان دائمًا حول البيت، يعمل بجد، ويستعد للخطوبة. لكن ولاد الحرام تربصوا به وقتلوه غدرًا. ابني كان جاره صاحبه، لم يؤذِ أحدًا، كان يساعد الناس، ومع ذلك لم يرحموه".
وتابعت:"ابني الثاني كان يستعد للزواج، يوم الجمعة كان من المفترض أن يشارك في فرح قريبتنا، لكن بدل الفرح كان عزاء. لم يبقَ للناس صاحب ولا جار. كنا نعيش أملًا أن يفرح أولادنا، لكنهم حرمونا حتى من ذلك".
وسردت الأم تفاصيل اللحظة التي وصلها الخبر:"كنت في درس ديني حين اتصلت بي ابنتي أكثر من مرة. لم أجب في البداية، ثم ردت وقالت لي: 'يما تعالي بسرعة، في إشي لعماد'. خرجت مسرعة، وصلت إلى البيت ووجدت الدنيا كلها مقلوبة، والشرطة تمنعني من رؤية ابني. لم يتركوني أودعه. أردت أن أراه للمرة الأخيرة، لكنهم لم يسمحوا".
صرخة ضد الشرطة والتقصير
أم عماد لم تُخفِ غضبها من تقاعس الشرطة:"كل يوم نسمع عن جريمة جديدة، والشرطة لا تفعل شيئًا. لا حماية، لا ردع، ولا محاسبة. نحن ندفن أبناءنا واحدًا تلو الآخر بينما المجرمون أحرار. لم نتلقَ أي تحذير أو متابعة رغم أننا نعيش في خطر دائم".
وأشارت إلى أنها فقدت ابنًا آخر قبل سنوات:"هذه ليست المرة الأولى. قبل سنوات فقدتُ ابنًا آخر، واليوم أخذوا مني عماد. كم قلب تتحمل أم أن تدفن أولادها واحدًا بعد الآخر؟ لم يبقَ لي إلا أولاد وبنات آخرون، الله يحفظهم. لكننا نعيش في خوف دائم".
"حرمونا حتى من الفرح"
بصوت متهدج، استحضرت الأم لحظات الوجع:"ابنتي كانت حاملًا، عندما سمعت بخبر مقتل أخيها انهارت ونقلت إلى المستشفى. فرح العائلة انقلب إلى عزاء. لم يرحمونا، دمروا بيتنا، أحلامنا، مستقبل أولادنا".
واختتمت حديثها بحرقة:"قتلوه غدرًا يوم المولد النبوي، ثم احتفلوا بدمه. أي إنسانية هذه؟ دمّروني مرتين، مرة حين فقدت ابني الأول ومرة الآن. لم يعد في القلب قوة. الله يصبرنا".
أزمة تتعمق
تصريحات والدة عماد عماش ليست سوى نموذج صارخ لمأساة تتكرر في عشرات البيوت العربية، وسط شعور عام بانعدام الأمن وفقدان الثقة بالشرطة والسلطات. ومع كل جريمة جديدة، تتسع الفجوة بين المجتمع العربي ومؤسسات الدولة، فيما يطالب الأهالي بتحرك عاجل وحقيقي لوقف نزيف الدم المتواصل.