إدارة ترامب ترحّل أطفالًا أمريكيّين إلى هندوراس وجدل دستوريٌّ واسع يعمّ البلاد

رغم حماية الدستور لحقوق المواطنين الأميركيين، لم يشفع ذلك للأطفال الثلاثة الذين تمّ ترحيلهم مع أمهاتهم، دون الالتفات إلى أوضاعهم الإنسانية أو حقوقهم القانونية  

راديو الناس|
1 عرض المعرض
.
.
(توضيحية)
رحّلت سلطات الهجرة الأمريكية ثلاثة أطفال يحملون الجنسية الأمريكية إلى هندوراس، من بينهم طفل يبلغ من العمر أربع سنوات مصاب بالسرطان في مرحلته الرابعة.
وتمّ توقيف الأطفال بصحبة أمّهاتهم، اللواتي لا يحملنَ إقامة قانونيّة، أثناء حضورهم مقابلة روتينيّة مع مسؤولي الهجرة في ولاية لويزيانا، ضمن برنامج إشراف حكومي يُعرف بـ ISAP.
وخلافًا للإجراءات المقبولة، تمّت عملية الاعتقال والترحيل خلال أقلّ من 24 ساعة، دون منح العائلات أي فرصة للاتصال بمحامين أو طلب مراجعة قانونية، وفق ما أكّده محامو الدفاع ومنظمات حقوقية.
ورغم حماية الدستور لحقوق المواطنين الأميركيين، لم يشفع ذلك للأطفال الثلاثة الذين تمّ ترحيلهم مع أمهاتهم، دون الالتفات إلى أوضاعهم الإنسانية أو حقوقهم القانونية.
الطفل المصاب بالسرطان، على سبيل المثال، رُحّل دون أدويته الأساسية ودون تأمين متابعة علاجه، وفقًا لتقارير المنظمات الحقوقية، ممّا اعتُبر خرقًا صارخًا للدستور.
أمّا إدارة الرئيس دونالد ترامب فادّعت من جهتها أنّ الأمّهات هنّ من اخترن اصطحاب أولادهنّ معهن، مؤكّدة أنّها "تحافظ على تماسك العائلة" بدلًا من تفريقها.
في المقابل، نفى المحامون ذلك تمامًا، مشيرين إلى أنّ الأمهات لم يُمنحن أي خيار واقعي، ولم يُعرض عليهن ترك الأطفال مع أقارب أو أوصياء قانونيين في الولايات المتحدة، رغم توفّر هؤلاء واستعدادهم لتحمّل المسؤولية.
القضية في أروقة المحاكم
وقد دخلت قضية الطفلة البالغة من العمر عامين، والتي رُحّلت مع أمها، أروقة المحاكم الفيدرالية، حيث عبّر القاضي المسؤول عن شكوكٍ جدية بخصوص قانونية ترحيلها، معتبرًا أن الحكومة "ربما رحّلت مواطنة أميركية دون أي عملية قانونية تضمن حقوقها". بناءً على ذلك، قرّر عقد جلسة استماع يوم 16 أيار/مايو لمراجعة الملابسات.
محامون ومنظمات مثل الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية (ACLU)وصفوا ما حدث على انّه "استغلال متزايد للسلطة" ويشكّل انتهاكًا فاضحًا لمبادئ سيادة القانون، الذي ينصّ، كمبدأٍ أساسيّ، على انّ الجنسية وخاصّةً للصغار، "خطّ أحمر": لا تُلغى بتصرّف آبائهم، ولا يتمّ التفريط فيها دون ضمانات واضحة. هذا وأكّدوا أنّه يُمثّل سابقة خطيرة، خاصة مع تكرار حصولها بشكل "اعتيادي".
"إجراءات قانونية"
وبموازاة هذه التطوّرات، تواصل إدارة ترامب الدفاع عن نهجها، إذ أعلنت عبر المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، أن جميع الإجراءات تمّت "وفق القانون"، مؤكّدة استمرار سياسة تشديد القبضة على ملفّ الهجرة. وأعلنت الإدارة عن توقيع أوامر تنفيذية جديدة تستهدف "مدن الملاذ"، التي ترفض التعاون مع سلطات الهجرة الفيدراليّة، في إطار حملة أوسع لطرد المهاجرين غير القانونيّين.
ما يجعل هذه القضية خطيرة ليس فقط انتهاك حقوق الأطفال، بل استخدام القوّة التنفيذية من قبل إدارة ترامب بشكلٍ يتجاوز حتى ما تسمح به القوانين الفدرالية. وما جرى في نيسان لم يكن مجرّد ترحيل ثلاث عائلات، بل اختبارًا حيًّا لمفهوم المواطنة ومكانة المواطن الأميركي.