أعلن مركز دراسات الخطوط بمكتبة الإسكندرية عن إطلاق موقع إلكتروني تفاعلي جديد يحمل عنوان "الهيروغليفية خطوة بخطوة"، يهدف إلى تعليم اللغة المصرية القديمة بأسلوب مبسط ومتاح للجميع. يُعد هذا الموقع الأول من نوعه في مجال تعليم الهيروغليفية عبر الإنترنت، ويقدم محتوى علميًّا باللغتين العربية والإنجليزية، موجهًا إلى طلاب الجامعات، والهواة، والمهتمين بتاريخ اللغة المصرية القديمة.
وقد أطلقت المرحلة الأولى من الموقع في عام 2015، ضمن جهود المكتبة لنشر المعرفة حول اللغة القديمة، ويتطور الموقع باستمرار ليكون بمثابة قاموس طويل الأجل، إذ يضم أكثر من 5000 كلمة حتى الآن، مع العمل على إثرائه بمزيد من المفردات.
وبحسب جولة أجرتها "العربية.نت" و"الحدث.نت" داخل الموقع، فإنه يقدم معلومات مبسطة عن أساسيات اللغة، كالأعداد، واتجاهات الكتابة، ومبادئ النطق، إضافة إلى تفاصيل دقيقة عن تطور الهيروغليفية، وهي رموز مستوحاة من الطبيعة كالطيور والحيوانات والنباتات والأدوات اليومية، استخدمها المصريون القدماء للتعبير عن أصوات اللغة، بطريقة مشابهة للغات الحديثة.
ومن المميزات اللافتة للموقع، توضيحه أن الهيروغليفية كانت تُكتب في جميع الاتجاهات: من اليمين لليسار، ومن اليسار لليمين، ومن الأعلى إلى الأسفل، ويرتبط هذا التنوع باتجاهات النقوش الفنية التي كانت تصاحب النصوص القديمة.
كما يقدم الموقع شرحًا مبسطًا للأرقام المصرية القديمة، بدءًا من 1 حتى 9، ويوضح أن المصريين القدماء منحوا هذه الأرقام قيمًا صوتية، ولكن تبقى بعض الأعداد مثل "33" مجهولة النطق حتى اليوم. ويمتد الشرح ليشمل الضمائر المختلفة، موضحًا شكلها ونطقها، حيث كان هناك تشابه بين ضمائر المذكر والمؤنث مثل: "أنا"، "أنت"، "هو"، "هي"، و"هم".
ويُذكر أن استخدام اللغة الهيروغليفية بدأ في التراجع مع دخول المسيحية إلى مصر في القرن الأول الميلادي، إلى أن اختفت بشكل شبه كامل بحلول القرن الرابع، بعد أن أصبحت القبطية - المكتوبة بالأبجدية اليونانية مع رموز ديموطيقية - هي اللغة السائدة دينيًا وثقافيًا.
وجاء الانقطاع التام عن الهيروغليفية عقب صدور مرسوم الإمبراطور الروماني ثيودوسيوس الأول عام 391 ميلادية، الذي حظر الديانة المصرية القديمة، ما أدى إلى إغلاق المعابد ووقف استخدام الهيروغليفية نهائيًا. وكانت آخر كتابة هيروغليفية معروفة في عام 394م على جدار معبد بجزيرة فيلة بأسوان.
وظلت رموز هذه اللغة غامضة حتى فك شفرتها الفرنسي جان فرانسوا شامبليون عام 1822، بعد اكتشاف حجر رشيد، مما مهد الطريق لإحياء دراسة الحضارة المصرية القديمة.